للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علماء الأنساب ويقدمونه على ما عداه، واسم قحطان في التوراة يقطان، وأبوه عابر هو نبي الله هود ، وكانت إقامة أبيه هود في حضرموت وهو من أشراف قومه ووجوههم وبها توفي وفيها قبره، وأما ابنه قحطان؛ فمولده ومنشأه الأول في حضرموت، ثم انتقل بجماعة من قبيلته وأهله إلى مدينة صنعاء وكانت أرضا خالية فابتنى بها واقتدى به من جاء معه فمصروها وصيروها مدينة تذكرهم آثارها بعد مر الألوف من السنين، وكثرت جماعة المنتقلين إلى صنعاء لما وجدوا بها من الخصب وطيب الهواء فنادوا بقحطان أميرا عليهم (ملكا) وكان كما قدمنا من أعيان قومه وأبوه ذو الشأن الرفيع بوجاهته بينهم ونبوته فيهم، وأحسن قحطان السياسة فأحبوه وكرموه، ورأى نفسه في قوة وسلطان فجمع جيشا وزحف به إلى العراق، وكان قد بلغه أن شداد بن عاد (أحد أمراء العرب العاربة) جاور العراقيين مدة واستولى في نحو سنة ٢٩٢٧ ق. هـ على مدينة بابل قاعدة مملكة الكلدانيين والحموربيين.

ولما كانت سنة ٢٦٩٥ ق. هـ، وذلك في أيام قحطان، وثب الملك الآشوري بعلوس على من كان فيها من العرب فطردهم وجعلها عاصمة لمملكته الآشورية، فزحف إليه قحطان بما اجتمع لديه من المقاتلة ونشبت بين الفريقين حرب هائلة طالت أيامها، ومات في أثنائها قحطان سنة ٢٦٩٠ ق. هـ، ثم إن ابنه يعرب عقد الصلح مع بعلوس، وعاد إلى صنعاء مقر ملكه وملك أبيه من قبله.

أما قحطان فيقال: إنه أول من لبس التاج ولعله لما قدم العراق ورأى حضارة بابل ونينوى في ذلك العهد قلد ملوكهم بلبس التاج فكان أول من لبسه من ملوك اليمن وجزيرة العرب، وهو وابنه يعرب أول من نطق باللغة العربية وكانت لغتهم اللغة الكلدانية وهي لسان أهل العراق الأصليين، واستبعد ابن خلدون ما ينقله المؤرخون من أن قحطان أول من تكلم بالعربية، وأنه أتى بها مخترعا من ذات نفسه، فقال: وقحطان تعلم العربية ممن أدركه من العرب العاربة (البائدة).

<<  <   >  >>