للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حرير يقولون: إن محمد بن الحسن العسكري دخل هذا المسجد وغاب فيه وهو عندهم الإمام المهدي المنتظر فيهم كل يوم يلبس آلة الحرب مئة منهم ويأتون باب المسجد ومعهم دابة مسرجة ملجمة ومعهم الطبول والبوقات ويقولون: اخرج يا صاحب الزمان فقد كثر الظلم والفساد وهذا أوان خروجك ليفرق الله بك بين الحق والباطل، ويقفون إلى الليل ثم يعودون، كذلك دأبهم أبدا.

وأما أهل السنة فأكثرهم على اعتقاد ظهور رجل من نسل النبي تصلح به الأرض بعد فسادها وتزهو بعد اكمدادها، وفيهم من يأخذ بالحديث الشريف: «لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا الدنيا إلا إدبارا ولا الناس إلا شحا ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم»، وفيهم من يتكلم في هذا الحديث، وهذا بحث يطول فاطلبه إن شئت فيما ألف له خاصة من الأسفار والتصانيف أو في المصنفات الكبيرة مما له علاقة بأمر المهدي وظهوره ومن هو.

وتأمل فيمن ظهر في الإسلام حتى اليوم يدعي أنه ذلك الرجل المصلح الإلهي وما أحسبنا معاشر المسلمين إلا ونبينا الأعظم (صلوات الله عليه) قد أغلق الله به باب التنبؤ وكفى الناس ظهور نبي جديد في كل جيل وقبيل: فأبينا نحن إلا أن نوجد تلك الشنشنة حية خالدة، لكن حرفنا الاسم وبدلنا مادة التنبؤ بمادة الهدي فكان القائم لإصلاح البشر قبل خاتم الأنبياء يدعوه الناس نبيا ورسولا فجئنا نحن ندعوه مهديا ومنتظرا، أقلق أبناء القرون الأولى والأجيال الخالية قيام كذبة دجالين تسربلوا رداء النبوة وظهروا بمظهر الرسل فأسكت الله تلك النأمة بآخر أنبيائه، ومهدنا نحن السبيل لمن نحا ذلك النحو وانتهج ذاك النهج فأوجدنا له سربالا من سرابيل الدعوة إلى الله والهداية إليه فعادوا يعاودون الكرة ويبرزون في هذه الأجيال المرة بعد المرة، ذلك بما جنت أيدينا و اقترفت أنفسنا فلا حول ولا قوة إلا بالله مرشد خليقته، إلى طريقته، وملهم كل قلب ما يشتغل به عما سواه.

* * *

<<  <   >  >>