للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علي الرضى في حياة المأمون فلم تتم له الخلافة، وعاد إلى السواد فاستألف القلوب ورضي الناس عنه.

وكان السيد علي الرضى أسود اللون؛ لأن أمه كانت سوداء، وولد بالمدينة، وكان موصوفا بطيب النفس وكرم الأخلاق والجود.

حكى القرماني في تاريخه أنه دخل يوما الحمام فبينما هو في مكان منه إذ دخل عليه جندي فأزاله عن موضعه وقال له: صب على رأسي يا أسود! فنهض علي وأخذ يصب على رأس الجندي حتى دخل رجل عرفه فصاح: ويلك يا جندي هلكت! أتستخدم ابن بنت رسول الله؟ فانقلب الجندي يقبل قدميه ويقول: هلا عصيتني إذ أمرتك؟ فقال: إنها لمثوبة وما أردت أن أعصيك فيما أثاب عليه!

ورآه أبو نواس ذات يوم وهو خارج من حضرة المأمون على بغلة فارهة، فدنا منه وسلم وقال: يا ابن رسول الله ، قلت فيك أبياتا أحب أن تسمعها مني، قال: قل. فأنشأ أبو نواس يقول:

مطهرون نقيات ثيابهم … تجري الصلاة عليهم كلما ذكروا

من لم يكن علويا حين تنسبه … فما له في قديم الدهر مفتخر

أولئك القوم أهل البيت عندهم … علم الكتاب وما جاءت به السور

فقال: قد جئتنا بأبيات ما سبقك إليها أحد، ما معك يا غلام؟ قال: ثلاث مئة دينار، قال: ادفعها إليه، وبعد أن افترقا ووصل علي إلى منزله. قال: لعله يستقلها: يا غلام سق إليه البغلة.

وكان دعبل الخزاعي شاعر أهل البيت وله في علي وأبيه مدائح كثيرة.

توفي () بمدينة طوس ودفنه المأمون بجانب قبر أبيه الرشيد، وفي سبائك الذهب أن وفاته كانت سنة ٢٣٠ هـ، والصحيح ما ذكرته واعتمده ابن خلكان وأكثر المؤرخين؛ لأنهم جميعا [اتفقوا] على أنه توفي في حياة المأمون المتوفى سنة ٢١٨ هـ.

<<  <   >  >>