يترك في العراق شيئا منها، وكان من أحسن الخلفاء سيرة مع الرعية عادلا فيهم كثير الرفق بهم شديدا على هل العبث والفساد والسعاية بالناس.
يذكر أنه سجن إنسانا كان يسعى بالناس فأطال حبسه فشفع فيه بعض أصحابه المختصين بخدمته وبذل عنه عشرة آلاف دينار فقال: أنا أعطيك عشرة آلاف دينار وتحضر لي إنسانا آخر مثله لأكف شره عن الناس ولم يطلقه.
وقبض على قاض يعرف بابن المرخم كان سيئ المسلك وقد ثبت له أنه أخذ أموالا كثيرة من بعض الرعية فصادر أمواله ورد للناس ما أخذه منهم، ولكنه أساء إلى العلم إساءة لا تغتفر لأنه لم يكتف بأن صادر ذلك القاضي وحبسه وسلبه نعمته حتى امتدت يده إلى كتبه فأحرق منها في الرحبة ما كان من علوم الفلاسفة وفيها كتاب الشفاء لابن سينا، وكتاب إخوان الصفا، وما يشاكلهما، فهي وصمة في تاريخ حياته سوداء.
حكم إحدى عشرة سنة ثم مرض، وكان قد خانه بعض خاصته فأرغم طبيبه على أن يصف له الحمام فوصفه له فامتنع المستنجد لضعفه فما زالوا به حتى أدخلوه وأغلقوا عليه الأبواب فصاح واستغاث فلم يلبوه حتى مات فأعلنوا وفاته.
وفي الليلة التي مات بها المستنجد بالله بويع ابنه أبو محمد الحسن، ولقب المستضيء بأمر الله ففرق أموالا كثيرة وحذا في الحكم حذو أبيه وكان حليما جدا قليل المعاقبة على الذنوب محبا للعفو والصفح عن المذنبين، كريم اليد، صفت له الخلافة تسع سنين وسبعة أشهر، ولا يذكر له فيها أثر، ولد سنة ٥٣٦ هـ، وبويع سنة ٥٦٦ هـ، وتوفي سنة ٥٧٥ هـ.