على مذهب مالك، ما لم تر دمًا تَشُك [فيه](١) أنه دم حيض لرائحته ولونه، وتكون ممن لها التمييز، فيكون لها حينئذ حكم الحائض.
فإن كانت [ممن](٢) لا تمييز لها: فإنها تَسْتَصْحِب هذا الحكم أبدًا.
فإذا انقطع دم الاستحاضة [عنها](٣)، وقد كانت اغتسلت بعد أيامها المُعتادة:[فهل تعيد](٤) الغسل استحبابًا؟ ففي "المدونة"(٥)، عن مالك روايتان:
إحداهما: أنها لا تعيد الغسل.
والأخرى: أنها تعيده، وهو الذي استحبه ابن القاسم.
وسبب الخلاف: مراعاة اختلاف العلماء؛ فمنهم من يقول: إنها تغتسل استحبابًا، وخرّج البخاري (٦) أن أم سلمة -زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت تغتسل لكل صلاة.
فراعى مالك رحمه الله هذا الخلاف مرة فاستحبه، ومرة لم يراعه، وَرَد نظره إلى أصول الشريعة.
وأما دم النفاس: فهو الذي يخرج مع خروج الولد.
وقال القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب: والنفاس ما كان عقيب الولادة؛ فظاهر قوله أن الدّم الذي يخرج مع خروج الولد لا [يسمى](٧) دم
(١) سقط من أ. (٢) في ب: مما. (٣) زيادة من ب. (٤) في أ: فلتعد. (٥) المدونة (١/ ٥٠، ٥١). (٦) أخرجه البخاري (٣٢١)، ومسلم (٣٣٤) من حديث عائشة أن أم حبيبة استحيضت .. إلخ. (٧) في أ: سيما.