والأصل في جوازها على الجملة قوله تعالى:{وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ}(١) الآية؛ وهو أن يعطي الرجل الرجل الشيء ليعطيه أكثر منه، فلما [أجزم](٢) تعالى أن من أعطى [عطية](٣) يبتغي بها النماء، والزيادة في ماله من مال المعطى له أن ذلك لا يربو عند الله تعالى [ولا يزكو لديه كل ذلك على أنه ليس بعطية إلا ما قصد به من الزيادة في ماله، أو الثواب من المعطي لا من الله تعالى](٤) وأن ذلك جائز، فليس لمن أعطى عطية للثواب في عطيته أجر، ولا عليه فيها وزر، وهي من قبيل الجائز المباح لا من قبيل المندوب [والمرغوب](٥) فيه، وهو مما أباحه الله تعالى لعباده وحرمه على نبيه - صلى الله عليه وسلم - إكرامًا له وتنزيهًا، وترفيعًا لشأنه، فقال تعالى:{وَلا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ}(٦)، أي: لا تعطي لتعطى أكثر منه؛ لأن ذلك تعريض للمسألة، والمسألة مكروهة مذمومة، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لأن يأخذ أحدكم حبله، فيحتطب على ظهره خيرًا له من يأتي رجلًا أعطاه الله
(١) سورة الروم الآية (٣٩). (٢) في ب: أخبر. (٣) في أ: عطيته. (٤) سقط من أ. (٥) في أ: والمرغب. (٦) سورة المدثر الآية (٦).