أن يخاطبوا بالدخول في الإسلام وتكتنفهم شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهم مع ذلك [فسخت](١) عليهم أحكام التوراة في الحلال والحرام، وذلك غير معقول ولا معقول، بل المنقول أن هذه الشريعة ناسخة لجميع الشرائع، وليس عصيانهم في ترك [امتثال](٢) ما أمروا به من الإسلام، مما [يحرم عليهم](٣) ما قد نسخ تحريمه.
ومن رأى أن ذلك غير منسوخ، قال: لا يصح في الحكمية الشرعية أن توضع منهم الأثقال مع بقائهم على السبب الموجب [لعقابهم](٤) ذلك والله تعالى يقول: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ} والبغي من أسماء التعدي، فعاقبهم الله تعالى بأن حرم عليهم بعض المحللات، لأجل ذلك التعدي، وقوله تعالى:"ذلك" إشارة إلى العلة والبغي الذي لأجله حرم عليهم. هذه الأشياء مذكورة في "كتاب التفسير"، وفيه كلام مبسوط، وليس هذا موضع ذكره، والذي [زادوه](٥) من البغي أكثر مما كانوا عليه، وقد حرمت عليهم الشحوم وغيرها، وقد زادوا تحريف الكتاب المبين وتكذيب النبي عليه السلام المبعوث لإقامة الدين، والله تعالى يقول:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} إلى قوله: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الأعراف: ١٥٧] فالإصر: هو الثقل، وإنما وضعت الأغلال والأثقال [عن](٦) من آمن به واتبع ملته، وحلل ما حلله، وحرم ما حرمه، فهم الذين وصفهم الله بالمفلحين.
فأما من عصا وطغى وأثر الهوى على التقوى وكذب بالحسنى، كيف
(١) في جـ: بقيت. (٢) سقط من أ. (٣) في أ: يجري عليه. (٤) في أ: لتعقبهم. (٥) في أ: زاده. (٦) في أ: على.