(هل رَأَى مُحَمَّدٌ عليه الصلاة والسلام رَبَّه؟)
٨٨١ - ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ" (١) عَن ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: "رَأَى مُحَمَّد رَبَّه بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ"، وَعَائِشَةُ أَنْكَرَتْ الرُّؤْيَةَ (٢).
فَمِن النَّاسِ مَن جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: عَائِشَةُ أَنْكَرَتْ رُؤْيَةَ الْعَيْنِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ أَثْبَتَ رُؤْيَةَ الْفُؤَادِ.
وَلَمْ يَثْبُتْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ لَفْظٌ صَرِيحٌ بِأَنَّهُ رَآهُ بِعَيْنِهِ.
وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَد تَارَةً يُطْلِقُ الرُّؤْيَةَ، وَتَارَةً يَقُولُ: رَآهُ بِفُؤَادِهِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّه سَمِعَ أَحْمَد يَقُولُ رَآهُ بِعَيْنِهِ، لَكِنَّ طَائِفَة مِن أَصْحَابِهِ سَمِعُوا بَعْضَ كَلَامِهِ الْمُطْلَقِ فَفَهِمُوا مِنْهُ رُؤيَةَ الْعَيْنِ؛ كَمَا سَمِعَ بَعْضُ النَاسِ مُطْلَقَ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَفَهِمَ مِنْهُ رُؤَيَةَ الْعَيْنِ.
وَلَيْسَ فِي الْأَدِلَّةِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ رَآهُ بِعَيْنِهِ، وَلَا بِعَيْنِهِ ذَلِكَ عَن أَحَدٍ مِن الصَّحَابَةِ، وَلَا فِي الْكتَابِ وَالسنَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ؛ بَل النُّصُوصُ الصَّحِيحَهُ عَلَى نَفْيِهِ أَدَلُّ؛ كَمَا فِي "صَحِيح مُسْلِمٍ" (٣) عَن أَبِي ذَرٍّ قَالَ: سَألْت رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- هَل رَأَيْت رَبَّك؛ فَقَالَ: "نُورٌ أنّى أَرَاهُ".
وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ" (٤) عَن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء: ٦٠] قَالَ: هِيَ رُؤَيا عَيْنٍ أُرِيَهَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ.
(١) رواه مسلم (١٧٦) بلفظ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (١١)} [النجم: ١١] {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)} [النجم: ١٣]، قَالَ: "رَآهُ بِفُؤَاده مَرَّتينِ".(٢) روى مسلم في صحيحه (١٧٧) أنّ عائشة -رضي الله عنها- سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن قول الله عزَّ وجلَّ: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ (٢٣)} [التكوير: ٢٣]، {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣)} [النجم: ١٣]؟ فَقَالَ: "إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ، لَمْ أرَهُ عَلَى صُورَتهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ، رَأيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إلَى الْأَرْضِ".(٣) (١٧٨).(٤) البخاري (٣٨٨٨)، ولم أجده عند مسلم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute