(توجيه حديث: مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، جُعْت فَلَمْ تُطْعِمْنِي)
٢٥٧ - فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" (١) عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ اللهَ -عز وجل- يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَو عُدْتَهُ لَوَجَدْتَني عِنْدَهُ؟
يَا ابْنَ آدَمَ جُعْت (٢) فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ. وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأنتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ، فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَو أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي؟ "
فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ: ذَكَرَ الْمَعْنَيَيْنِ الْحَقَّيْنِ، وَنَفَى الْمَعْنَيَيْنِ الْبَاطِلَيْنِ وَفَسَّرَهُمَا.
فَقَوْلُهُ: "جُعْت وَمَرضْت" لَفْظُ اتِّحَادٍ يُثْبِتُ الْحَقَّ.
وَقَوْلُهُ: "لَوَجَدْتنِي عِنْدَهُ وَوَجَدْت ذَلِكَ عِنْدِي" نَفْيٌ لِلِاتِّحَادِ الْعَيْنِيِّ بِنَفْيِ الْبَاطِلِ، وَإِثْبَاتٌ لِتَمْيِيزِ الرَّبِّ عَن الْعَبْدِ.
وَقَوْلُهُ: "لَوَجَدْتنِي عِنْدَهُ" لَفْظُ ظَرْفٍ، وَبِكُلٍّ يَثْبُتُ الْمَعْنَى الْحَقُّ مِن الْحُلُولِ الْحَقِّ، الَّذِي هُوَ بِالْإِيمَانِ لَا بِالذَّاتِ.
وَفِي قَوْلِهِ فِي الْمَرِيضِ: "وَجَدْتنِي عِنْدَهُ"، وَفِي الْجَائِعِ: "لَوَجَدْت ذَلِكَ عِنْدِي" فَرْقَانِ حَسَنٌ؛ فَإِنَّ الْمَرِيضَ الَّذِي تُسْتَحَبُّ عِيَادَتُهُ وَيَجِدُ اللهَ عِنْدَهُ: هُوَ الْمُؤْمِنُ بِرَّبِّهِ، الْمُوَافِقُ لِإِلَهِهِ، الَّذِي هُوَ وَلِيُّهُ،
وَأَمَّا الطَّاعِمُ: فَقَد يَكُونُ فِيهِ عُمُومٌ لِكُل جَائِعٍ يُسْتَحَبُّ إطْعَامُهُ (٣)؛ فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: ٢٤٥].
(١) (٢٥٦٩).(٢) لفظ مسلم: اسْتَطْعَمْتُكَ.(٣) فيشمل المؤمن والكافر، ولكن الشيخ لم يرض هذا التوجيه كما سيأتي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute