وَاللهُ قَد أَمَرَ بِالنَّظَرِ وَالِاعْتِبَارِ والتفكر وَالتَّدَبُّرِ فِي غَيْرِ آيَةٍ (١).
وَلَا يُعْرَفُ عَن أَحَدٍ مِن سَلَفِ الْأُمَّةِ وَلَا أَئِمَّةِ السُّنَّةِ وَعُلَمَائِهَا أَنَّهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ.
وَلَكِنْ وَقَعَ اشْتِرَاكٌ، فِي لَفْظِ "النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ"، وَلَفْظِ "الْكَلَامِ"؛ فَإِنَّهُم أنْكَرُوا مَا ابْتَدَعَهُ الْمُتَكلِّمُونَ مِن بَاطِلِ نَظَرِهِمْ وَكَلَامِهِمْ وَاسْتِدْلَالِهِمْ، فَاعْتَقَدُوا أنَّ إنْكَارَ هَذَا مُسْتَلْزِمٌ لِإِنْكَارِ جِنْسِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ. [٤/ ٥٥ - ٥٦]
* * *
[تقديم أهل الكلام عقولهم على الحديث]
٣٥٩ - الْعَجَبُ أَنَّ مِن هَؤُلَاءِ (٢) مَن يُصَرِّحُ بِأَنَّ عَقْلَهُ إذَا عَارَضَهُ الْحَدِيثُ- لَا سِيَّمَا فِي أَخْبَارِ الصِّفَاتِ- حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى عَقْلِهِ، وَصَرَّحَ بِتَقْدِيمِهِ عَلَى الْحَدِيثِ، وَجَعَلَ عَقْلَهُ مِيزَانًا لِلْحَدِيثِ!
فَلَيْتَ شِعْرِي:
- هَل عَقْلُهُ هَذَا كَانَ مُصَرّحًا بِتَقْدِيمِهِ فِي الشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ، فَيَكُونُ مِن السَّبِيلِ الْمَأُمُورِ بِاتِّبَاعِهِ؟
- أَمْ هُوَ عَقْلُ مُبْتَدِعٍ جَاهِلٍ ضَالٍّ حَائِرٍ خَارج عَن السَّبِيلِ؟
فَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاللهِ. [٤/ ٥٧ - ٥٨]
[ضلال الرازي وانحرافات الغزالي]
٣٦٠ - إنَّ الَّذِينَ لَبَّسُوا الْكَلَامَ بِالْفَلْسَفَةِ مَن أَكَابِرِ الْمُتَكَلِّمِينَ تَجِدُهُم يَعُدُّونَ مِن الْأَسْرَارِ الْمَصُونَةِ وَالْعُلُومِ الْمَخْزُونَةِ: مَا إذَا تَدَبَّرَهُ مَن لَهُ أَدْنَى عَقْلٍ وَدِينٍ وَجَدَ فِيهِ مِن الْجَهْلِ وَالضَّلَالِ مَا لَمْ يَكُن يَظُنُّ أَنَّهُ يَقَعُ فِيهِ هَؤُلَاءِ.
(١) والحجج العقلية تُعتَبَر من النظر والتدبر والتفكر، فلا مانع من استعمالها.(٢) أي: أهل الكلام.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute