(إذا قال الصحابي أو التابعي: من السُّنَّة كذا أو أمرنا بكذا ونهينا عن كذا)
١٨٣٨ - مسألة: إذا قال الصحابي: "من السُّنَّة كذا وكذا" اقتضى سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - عند أصحابنا وعامة الشافعية وجماعة من الحنفية منهم أبو عبد الله البصري.
وقال أبو بكر الرازي والكرخي والصيرفي: لا يقتضي ذلك، واختاره الجويني.
قال القاضي: إذا قال الصحابي: "من السُّنَّة كذا" كقول علي: "من السُّنَّة ألا يقتل حر بعبد" اقتضى سُنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك إذا قال التابعي:"من السُّنَّة كذا" كان بمنزلة المرسل، فيكون حجة على الصحيح من الروايتين، كما قال سعيد بن المسيب:"من السُّنَّة إذا أعسر الرجل بنفقة امرأته أن يفرق بينهما الحاكم " وكذا إذا قال الصحابي: "أمرنا بكذا ونهينا عن كذا" فإنه يرجع إلى أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ونهيه، وكذلك إذا قال:"رخص لنا في كذا".
قال القاضي: وقد رأيت هذا لبعض أصحابنا (١).
ويغلب على ظني (٢) أنه أبو حفص البرمكي ذكره في مسائل البرزاطي لما روى الحديث عن ابن عمر أنه قال: "مضت السُّنَّة أن ما أدركت الصفقة حبًّا مجموعًا فهو من مال المبتاع" فقال بعد هذا: صار هذا الحديث مرفوعًا بقوله: "مضت السُّنَّة" ويدخل في المسند.
(١) قال رحمه الله: واحتج المخالف: بان الأمر والنهي والسنَّة لا يختص بالنبي دون غيره، قال تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩] فأمر باتباع أمر الولاة، كما أمر باتباع أمره عز وجل وَأمر رسوله - صلى الله عليه وسلم -. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "عليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين من بعدي". وقال - صلى الله عليه وسلم -: (من سَنَّ سُنَّة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة). اهـ. العدة في أصول الفقه (٣/ ٩٩٦). (٢) الكلام لجد شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله.