لَكِنَّ الْأَئِمَّةَ كَأحْمَدَ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ.
والثَّاني: عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ.
وَالتَّحْقِيقُ أنَّهُ لَا أَجْرَ لَهُ إلَّا بِقَدْرِ الْحُضورِ، لَكِن ارْتَفَعَتْ عَنْة الْعُقُوبَةُ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا تَارِكُ الصَّلَاةِ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ: تَبْرَأ ذِمَّتُهُ بِهَا؛ أيْ: لَا يُعَاقَبُ عَلَى التَّرْكِ، لَكِنَّ الثَّوَابَ عَلَى قَدْرِ الْحُضُورِ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسِ: لَيْسَ لَك مِن صَلَاتِك إلَّا مَا عَقَلْت مِنْهَا، فَلِهَذَا شُرِعَتِ السُّنَنُ الرَّوَاتِبُ جَبْرًا لِمَا يَحْصُلُ مِن النَّقْصِ فِي الْفَرَائِضِ وَاللهُ أَعْلَمُ. [١٥/ ٢٣٥ - ٢٣٦]
* * *
[سورة طه]
١٥٢٥ - قَالَ تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (١١٠)} [طه: ١١٠]، الرَّاجِحُ مِن الْقَوْلَيْنِ أَنَّ الضَّمِيرَ (١) عَائِدٌ إلَى: {مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ} [الأنبياء: ٢٨]، وَإِذَا لَمْ يُحِيطُوا بِهَذَا عِلْمًا وَهُوَ بَعْضُ مَخْلُوقَاتِ الرَّبِّ، فَأنْ لَا يُحِيطُوا عِلْمًا بِالْخَالِقِ أوْلَى وَأَحْرَى. [١٦/ ٨٨]
١٥٢٦ - قوله فِي قِصَّةِ فِرْعَوْنَ: {لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: ٤٤]، جَعَلَ ذَلِكَ نوْعَيْنِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْفَوَائِدِ: أَنَّهُ إذَا تَذَكَّرَ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ وَأَنَّ اللهَ خَالِقُهُ وَلَيْسَ هُوَ إلَهًا وَرَبًّا كَمَا ذَكَرَ، وَذَكَرَ إحْسَانَ الله إلَيْهِ، فَهَذَا التَّذَكُّرُ يَدْعُوهُ إلَى اعْتِرَافِهِ بِرُبُوبِيَّةِ اللهِ وَتَوْحِيدِهِ وَإِنْعَامِهِ عَلَيْهِ، فَيَقْتَضِي الْإِيمَانَ وَالشُّكرَ وَإِن قَدَّرَ أَنَّ اللهَ لَا يُعَذِّبُهُ .. وَإِن لَمْ يَخَفْ عَذَابًا.
{أَوْ يَخْشَى}، وَنَفْسُ الْخَشْيَةِ إذَا ذَكَرَ لَهُ مُوسَى مَا تَوَعَّدَهُ الله بِهِ مِن عَذَابِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَإِنَّ هَذَا الْخَوْفَ قَد يَحْمِلُهُ عَلَى الطَّاعَةِ وَالِانْقِيَادِ وَلَو لَمْ يَتَذَكَرْ.
(١) في قوله تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ}.قال البغوي رحمه الله: قِيلَ: الْكِنَايَةُ تَرْجِعُ إِلَى مَا؛ أيْ: هُوَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ، وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَهُ، وَقيلَ: الْكنَايَةُ رَاجِعَة إِلَى اللهِ لِأنَّ عِبَادَهُ لَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute