١٥٣٥ - قَوْلُهُ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} [الأنفال: ٢]، مِن أَحْوَالِ الْقَلْبِ وَأَعْمَالِهِ مَا يَكُونُ مِن لَوَازِمِ الْإِيمَانِ الثَّابِتَةِ فِيهِ؛ بِحَيْثُ إذَا كَانَ الْإِنْسَانُ مُومِنًا لَزِمَ ذَلِكَ بِغَيْرِ قَصْدٍ مِنْهُ وَلَا تَعَمُّدِ لَهُ، وإِذَا لَمْ يُوجَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ الْوَاجِبَ لَمْ يَحْصُلْ فِي الْقَلْبِ.
وَقَد فَسَّرُوا (وَجِلَتْ) بفرقت .. وَهَذَا صَحِيحٌ؛ فَإنَّ الْوَجَلَ فِي اللُّغَةِ هوَ الْخَوْفُ.
وَإِذَا كَانَ وَجَلُ الْقَلْبِ مِن ذِكْرِهِ يَتَضَمَّنُ خَشْيَتَهُ وَمَخَافَتَهُ: فَذَلِكَ يَدْعُو صَاحِبَهُ إلَى فِعْلِ الْمَأمُورِ وَتَرْكِ الْمَحْظُورِ.
قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ أَغْلَظَ مِن الدَّعْوَى (١)، وَلَا طَرِيقٌ إلَيْهِ أَقْرَبَ مِن الِافْتِقَارِ (٢)، وَأَصْلُ كُلِّ خَيْرٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ الْخَوْفُ مِن اللهِ.
ويدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (١٥٤)} [الأعراف: ١٥٤]، فَأخْبَرَ أَنَّ الْهُدَى وَالرَّحْمَةَ لِلَّذِينَ يَرْهَبُونَ اللهَ. [٧/ ١٧ - ٢٠]
* * *
[سورة النور]
١٥٣٦ - عَن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ} [النور: ٢٣]، نَزَلَتْ فِي عَائِشَةَ خَاصَّةً وَاللَّعْنَةُ فِي الْمُنَافِقِينَ عَامَّةٌ.
فَقَد بَيَّنَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إنَّمَا نَزَلَتْ فِيمَن يَقْذِفُ عَائِشَةَ وَأُمَّهَاتِ الْمُؤمنينَ؛ لِمَا فِي قَذْفِهِنَّ مِن الطَّعْنِ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَعَيْبِهِ.
(١) أي: الدعوى بأنه على صلاح، وأن على هدى وبرّ.(٢) أي: الحاجة إلى الله في كل شيء.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute