فَإِذَا نبحَ نِبَاحَهَا كَانَ فِي ذَلِكَ مِن مُقَارَنَةِ الشَّيَاطِينِ وَتَنْفِيرِ الْمَلَائِكَةِ بِحَسَبِهِ، وَمَا يَسْتَدْعِي الشَّيَاطِينَ وَيُنَفِّرُ الْمَلَائِكَةَ: لَا يُبَاحُ إلَّا لِضَرُورَة؛ وَلهَذَا لَمْ يُبَح اقْتِنَاءُ الْكَلْبِ إلَّا لِضَرُورَةٍ، لِجَلْبِ مَنْفَعَةٍ كَالصَّيْدِ، أَو دَفْعِ مَضَرَّةٍ عَن الْمَاشِيَةِ وَالْحَرْثِ حَتَّى قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن اقْتَنَى كلْبًا إلَّا كلْبَ مَاشِيَةٍ أَو حَرْثٍ أَو صَيْدٍ نَقَصَ عَمَلِهِ كلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ" (١). [٣٢/ ٢٥٦ - ٢٥٩]
* * *
دَلَالَةُ الْعُمُومِ الْمَعْنَوِيِّ الْعَقْلِيِّ واللَّفْظِيُّ:
٥٤١٢ - دَلَالَةُ الْعُمُومِ الْمَعْنَوِيِّ الْعَقْلِيِّ: مَا أَنْكَرَهُ أَحَدٌ مِن الْأُمَّةِ فِيمَا أَعْلَمُهُ؛ بَل وَلَا مِن الْعُقَلَاءِ.
وَأَمَّا الْعُمُومُ اللَّفْظِيُّ: فَمَا أَنْكَرَهُ أَيْضًا إمَامٌ وَلَا طَائِفَة لَهَا مَذْهَبٌ مُسْتَقِر فِي الْعِلْمِ، وَلَا كَانَ فِي الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ مَن يُنْكِرُهُ. [٦/ ٤٤٠ - ٤٤١]
الْكفَّارُ وَأَهْلُ الْجَرَائِم وَالذُّنُوب وَأَهْلُ الشَّهَوَاتِ يُحَاسَبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى النِّعَمِ الَّتِي تنعَّمُوَا بِهَا:
٥٤١٣ - كل مَقْصُودٍ: إمَّا أَنْ يُقْصَدَ لِنَفْسِهِ، وإِمَّا أَنْ يُقْصَدَ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ مُنْتَهَى مَقْصُودِهِ وَمُرَادِهِ عِبَادَةَ اللهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَهُوَ إلَهُهُ الَّذِي يَعْبُدُهُ لَا يَعْبُدُ شَيْئًا سِوَاهُ، وَهُوَ أَحَبُّ إلَيْهِ مِن كُلِّ مَا سِوَاهُ: فَإِنَّ إرَادَتَة تَنْتَهِي إلَى إرَادَتِهِ وَجْهَ اللهِ، فَيُثَابُ عَلَى مُبَاحَاتِهِ الَّتِي يَقْصِدُ الِاسْتِعَانَةَ بِهَا عَلَى الطَّاعَةِ؛ كَمَا فِي "الصَّحِيحَيْنِ" (٢) عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّهُ قَالَ: "نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا صَدَقَةً" .. وَإِن كَانَ أَصْلُ مَقْصُودِهِ عِبَادَةَ غَيْرِ اللهِ: لَمْ تَكُن الطَّيِّبَاتُ مُبَاحَةً لَهُ؛ فَإِنَّ اللهَ أَبَاحَهَا لِلْمُؤْمِنِينَ مِن عِبَادِهِ؛ بَل الْكفَّارُ وَأَهْلُ الْجَرَائِمِ وَالذُّنُوبِ وَأَهْلُ
(١) رواه البخاري (٢٣٢٣)، ومسلم (١٥٧٤). وفي رواية: "نقص من عمله كل يوم قيراطان".(٢) البخاري (٤٠٠٦)، ومسلم (١٠٠٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute