ثُمَّ الْجُمْهُورُ الَّذِينَ جَوَّزُوا إنْكَاحَهَا لَهُم قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ: أَنَّهَا تُزَوَّجُ بِدُونِ إذْنِهَا؛ وَلَهَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَتْ.
والثَّانِي وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ: أَنَّهَا لَا تُزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِهَا؛ وَلَا خِيَارَ لَهَا إذَا بَلَغَتْ.
وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ كَمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "تُسْتَأذَنُ الْيَتِيمَةُ فِي نَفْسِهَا، فَإِنْ سَكَتَتْ فَهُوَ إذْنُهَا، وَإِن أَبَتْ فَلَا جَوَازَ عَلَيْهَا" (١). رَوَاهُ أَحْمَد وَأبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِي وَالنَّسَائِي (٢). [٣٢/ ٤٤ - ٤٥]
* * *
(الْأَوْلَادُ تَبَعٌ لِأُمِّهِمْ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ، وَهُم تَبَعٌ لِأَبِيهِمْ فِي النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ)
٤٣٦١ - الْأَوْلَادُ تَبَعٌ لِأُمِّهِمْ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ، وَهُم تَبَعٌ لِأَبِيهِمْ فِي النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.
(١) رواه أبو داود (٢٠٩٣)، والترمذي (١١٠٩)، والنسائي (٣٢٧٠)، وأحمد (٧٥٢٧). وقال الترمذي: حديث حسن.(٢) قال الشيخ: وَلَو زَوَّجَهَا حَاكِمٌ يَرَى ذَلِكَ (أي: يرى نكاح الصغيرة): فَهَل يَكُونُ تَزْوِيجُهُ حُكْمًا لَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ؟ أَو يَفْتَقِرُ إلَى حَاكمٍ غَيْرِهِ يَحْكمُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا: أصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ.لَكِنَّ الْحَاكِمَ الْمُزَوِّجَ هنا شَافِعِيٌّ، فَإِنْ كَانَ قَد قَلَّدَ قَوْلَ مَن يُصَحِّحُ هَذَا النِّكَاحَ وَرَاعَى سَائِرَ شُرُوطِهِ وَكَانَ مِمَن لَهُ ذَلِكَ: جَازَ.وَإِن كَانَ قَد أَقْدَمَ عَلَى مَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ كَانَ فِعْلُهُ غَيْرَ جَائِزٍ.وَإِن كَانَ قَد ظَنَّهَا بَالِغًا فَزَوَّجَهَا فَكَانَت غَيْرَ بَالِغٍ: لَمْ يَكُن فِي الْحَقِيقَةِ قَد زَوَّجَهَا؛ وَلَا يَكُونُ النِّكَاحُ صحِيحًا. اهـ. (٣٢/ ٥٠ - ٥١)وقال: وَالْأَمَةُ والْمَمْلُوك الصَّغِير يُزَوِّجُهُمَا -أي: سيدهما- بِغَيْرِ إذْنِهِمَا بِالاتِّفَاقِ. (٣٢/ ٥٤)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute