وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْأَعْمَالَ الظَّاهِرَةَ تُسَمَّى إسْلَامًا، وَأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ تَارَةً، وَلَا تَدْخُلُ فِيهِ تَارَةً.
وَذَلِكَ أَنَّ الِاسْمَ الْوَاحِدَ تَخْتَلِفُ دَلَالَتُهُ بِالْإِفْرَادِ وَالِاقْتِرَانِ، فَقَد يَكُونُ عِنْدَ الْإِفْرَادِ فِيهِ عُمُومٌ لِمَعْنَيَيْنِ، وَعِنْدَ الِاقْتِرَانِ لَا يَدُلُّ إلَّا عَلَى أَحَدِهِمَا؛ كَلَفْظِ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ، إذَا أُفْرِدَ أَحَدُهُمَا تَنَاوَلَ الْآخَرَ، وَإِذَا جُمعَ بَيْنَهُمَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مُسَمًّى يَخُصُّهُ.
وَإِذَا أُفْرِدَ اسْمُ الْإِيمَانِ فَقَد يَتَنَاوَلُ هَذَا وَهَذَا .. وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْإِسْلَامُ دَاخِلًا فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ وَجُزْءًا مِنْهُ، فَيُقَالُ حِينَئِذٍ: إنَّ الْإِيمَانَ اسْمٌ لِجَمِيعِ الطَّاعَاتِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ.
وَأَمَّا إذَا قُرنَ الْإِيمَان بِالْإِسْلَامِ: فَإِنَّ الْإِيمَانَ فِي الْقَلْبِ وَالْإِسْلَامَ ظَاهِرٌ (١). [٧/ ٥٥١ - ٥٥٣]
[فصل]
وَمِن هَذَا الْبَابِ (٢): لَفْظُ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ؛ فَالْكُفْرُ إذَا ذُكِرَ مُفْرَدًا فِي وَعِيدِ الْآخِرَةِ دَخَلَ فِيهِ الْمُنَافِقُونَ؛ كَقَوْلِهِ: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٥)} [المائدة: ٥].
ثُمَّ قَد يُقْرَنُ الْكُفْرُ بِالنِّفَاقِ فِي مَوَاضِعَ .. فَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: ١٤٠].
وَكَذَلِكَ لَفْظُ الصَّالِحِ وَالشَّهِيدِ وَالصّدِّيقِ: يُذْكَرُ مُفْرَدًا فَيَتَنَاوَلُ النَّبِيِّينَ، قَالَ تَعَالَى فِي حَقِّ الْخَلِيلِ: {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [العنكبوت: ٢٧].
(١) وعلى هذا فيكون مُسَمَّى الْاِسْلَامِ خَارِجًا عَنْهُ، كَمَا فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ وَإن كَانَ لَازِمًا. انظر: (٧/ ٥٥٥).(٢) أي: تَنَوُّعُ دَلَالَةِ اللَّفْظِ بحسبِ التَّجْرِيدِ وَالِاقْتِرَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute