وَقَد اتَّبَعَهُم عَلَى ذَلِكَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُ مِن أَئِمَّةِ السُّنَّةِ. [٧/ ٣١٢]
٥٤٠ - بَعْضُ النَّاسِ يَكُونُ مَعَهُ شُعْبَةٌ مِن شُعَبِ الْكُفْرِ وَمَعَهُ إيمَانٌ أَيْضًا، وَعَلَى هَذَا وَرَدَ عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي تَسْمِيَةِ كَثِيرٍ مِن الذُّنُوبِ كُفْرًا، مَعَ أَنَّ صَاحِبَهَا قَد يَكُونُ مَعَهُ أَكْثَرُ مِن مِثْقَالِ ذَرَّةٍ مِن إيمَانٍ فَلَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ؛ كَقَوْلِهِ: "سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ" (١)، وَقَوْلُهُ: "لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ" (٢).
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: "مَن قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ فَقَد بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا" (٣)، فَقَد سَمَّاهُ أَخَاهُ حِينَ الْقَوْلِ، وَقَد أَخْبَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا بَاءَ بِهَا، فَلَو خَرَجَ أَحَدُهُمَا عَن الْإِسْلَامِ بِالْكليَّةِ لَمْ يَكُن أَخَاهُ؛ بَل فِيهِ كُفْرٌ. [٧/ ٣٥٥]
* * *
[النفاق]
٥٤١ - النِّفَاقُ يُطْلَقُ عَلَى النِّفَاقِ الْأَكْبَرِ الَّذِي هُوَ إضْمَارُ الْكُفْرِ، وَعَلَى النِّفَاقِ الْأَصْغَرِ الَّذِي هُوَ اخْتِلَافُ السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ فِي الْوَاجِبَاتِ. [١١/ ١٤٠]
٥٤٢ - الْمُنَافِقُ لَا بُدَّ أَنْ يَظْهَرَ فِي قَوْلِهِ وَفِعْلِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى نِفَاقِهِ وَمَا أَضْمَرَهُ، كَمَا قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عفان: مَا أَسَرَّ أَحَدٌ سَرِيرَةً إلَّا أَظْهَرَهَا اللهُ عَلَى صَفَحَاتِ وَجْهِهِ وَفَلَتَاتِ لِسَانِهِ، وَقَد قَالَ تَعَالَى عَن الْمُنَافِقِينَ: {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ} [محمد: ٣٠]، ثُمَّ قَالَ: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [محمد: ٣٠]، وَهُوَ جَوَابُ قَسَمٍ مَحْذُوفٍ؛ أَيْ: وَاللهِ لَتَعْرِفَهُم فِي لَحْنِ الْقَوْلِ.
فَمَعْرِفَةُ الْمُنَافِقِ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ لَا بُدَّ مِنْهَا، وَأَمَّا مَعْرِفَتهُ بِالسِّيمَا فَمَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمَشِيئَةِ. [١٤/ ١١٠]
(١) تقدم تخريجه.(٢) رواه البخاري (١٢١)، ومسلم (٦٥).(٣) رواه البخاري (٦١٠٤)، ومسلم (٦٠)، واللفظ للبخاري.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute