وَلَابُدَّ فِيهِ مِن عَمَلِ الْقَلْبِ (١)؛ مِثْل حُبِّ اللهِ وَرَسُولِهِ، وَخَشْيَةِ اللهِ، وَحُبّ مَا يُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَبُغْضِ مَا يُبْغِضُهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَإِخْلَاصِ الْعَمَلِ للهِ وَحْدَهُ، وَتَوَكُّلِ الْقَلْبِ عَلَى اللهِ وَحْدَهُ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِن أَعْمَالِ الْقُلُوبِ الَّتِي أَوْجَبَهَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَجَعَلَهَا مِن الْإِيمَانِ. [٧/ ١٨٥ - ١٨٦]
* * *
(الْقَلْبُ هُوَ الْأَصلُ فإذا صلح صلح العمل ولابد، والرد على الجهمية والمرجئة)
٥٢٢ - الْقَلْبُ هُوَ الْأَصْلُ، فَإِذَا كَانَ فِيهِ مَعْرِفَةٌ وَإِرَادَةٌ سَرَى ذَلِكَ إلَى الْبَدَنِ بِالضَّرُورَةِ، لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَخَلَّفَ الْبَدَنُ عَمَّا يُرِيدُهُ الْقَلْبُ؛ وَلهَذَا قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "ألَا إنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ لَهَا سَائِرُ الْجَسَدِ ألا وَهِيَ الْقَلْبُ" (٢).
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: "الْقَلْبُ مَلِكٌ وَالْأَعْضَاءُ جُنُودُهُ، فَإِذَا طَابَ الْمَلِكُ طَابَتْ جُنُودُهُ، وَإِذَا خَبُثَ الْمَلِكُ خَبُثَتْ جُنُودُهُ".
وَقَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ تَقْرِيبٌ. وَقَوْلُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَحْسَنُ بَيَانًا؛ فَإِنَّ الْمَلِكَ وإن كَانَ صَالِحًا فَالْجُنْدُ لَهُم اخْتِيَارٌ قَد يَعْصُونَ بِهِ مَلِكَهُمْ، وَبِالْعَكْسِ فَيَكُونُ فِيهِمْ صَلَاحٌ مَعَ فَسَادِهِ، أَو فَسَادٌ مَعَ صَلَاحِهِ، بِخِلَافِ الْقَلْبِ؛ فَإِنَّ الْجَسَدَ تَابعٌ لَهُ لَا يَخْرُجُ عَن إرَادَتِهِ قَطُّ.
فَإِذَا كَانَ الْقَلْبُ صَالِحًا بِمَا فِيهِ مِن الْإِيمَانِ عِلْمًا وَعَمَلًا قَلْبِيًّا: لَزِمَ ضَرُورَةً صَلَاحُ الْجَسَدِ بِالْقَوْلِ الظَّاهِرِ، وَالْعَمَلِ بِالْإِيمَانِ الْمُطْلَقِ، كَمَا قَالَ أَئِمَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ: قَوْلٌ وَعَمَلٌ، قَوْلٌ بَاطِنٌ وَظَاهِرٌ، وَعَمَلٌ بَاطِنٌ وَظَاهِرٌ، وَالظَّاهِرُ تَابعٌ لِلْبَاطِنِ لَازِمٌ لَهُ، مَتَى صَلَحَ الْبَاطِنُ صَلَحَ الظَّاهِرُ، وإذَا فَسَدَ فَسَدَ؛ وَلهَذَا قَالَ
(١) فلا يكفي قَوْل الْبَدَنِ وَعَمَلُه، وهو قول اللسان وعمل الأركان؛ بل لا بد من عَمَلِ الْقَلْبِ.(٢) رواه البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute