وَعَامَّةُ السَّلَفِ وَأَئِمَّةُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْمُتَجَدِّدَ أَمْرٌ ثُبُوتِيٌّ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ النَّصُّ، وَهَذَا مِمَّا هَجَرَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ الْحَارِثَ الْمُحَاسِبِيَّ عَلَى نَفْيِهِ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ بِقَوْلِ ابْنِ كُلَّابٍ .. فَخَالَفَ مِن نُصُوصِ الْكتَابِ وَالسُّنَةِ وَآثَارِ السَّلَفِ مَا أَوْجَبَ ظُهُورَ بِدْعَةٍ اقْتَضَتْ أَنْ يَهْجُرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَد وَيُحَذِّرَ مِنْهُ. [٨/ ٤٩٦ - ٤٩٧]
* * *
(الْأَجَلُ أَجَلَانِ: مُطْلَقٌ وَمقَيَّدٌ)
٦٤٠ - الْأَجَلُ أَجَلَانَ: أَجَلٌ مُطْلَقٌ يَعْلَمُهُ اللهُ، وَأَجَل مقَيَّد، وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ مَعْنَى قَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَن سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" (١)؛ فَإِنَّ اللهَ أمَرَ الْمَلَكَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ أَجَلًا وَقَالَ: "إنْ وَصَلَ رَحِمَهُ زِدْتهُ كَدَا وَكَذَا"، وَالْمَلَكُ لَا يَعْلَمُ أَيَزْدَادُ أَمْ لَا، لَكِنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ، فَإِذَا جَاءَ ذَلِكَ لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ. [٨/ ٥١٧]
(الرِّزْقُ نَوْعَانِ)
٦٤١ - الرِّزْقُ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَا عَلِمَهُ الله أَنَّهُ يَرْزُقُهُ: فَهَذَا لَا يَتَغَيَّرُ.
وَالثَّانِي: مَا كَتَبَهُ وَأَعْلَمَ بِهِ الْمَلَائِكَةَ: فَهَذَا يَزِيدُ وَيَنْقُصُ بِحَسَبِ الْأَسْبَابِ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَأْمُرُ اللهُ الْمَلَائِكَةَ أَنْ تَكْتُبَ لَهُ رِزْقًا، وَإِن وَصَلَ رَحِمَهُ زَادَهُ اللهُ عَلَى ذَلِكَ، كَمَا ثَبَتَ فِي "الصَّحِيح" عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "مَن سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ في رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ في أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" (٢).
وَمِن هَذَا الْبَابِ قَوْلُ عُمَرَ: "اللَّهُمَّ إنْ كُنْتَ كَتَبْتَنِي شَقِيًّا فَامْحُنِي وَاكْتُبْنِي سَعِيدًا؛ فَإِنَّكَ تَمْحُو مَا تَشَاءُ وَتُثْبِتُ".
(١) رواه البخاري (٢٠٦٧)، ومسلم (٢٥٥٧).(٢) تقدم تخريجه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute