فَمَا لَا يَكُون بِاللهِ (١): لَا يَكُونُ، وَمَا لَا يَكُونُ للهِ: لَا يَنْفَعُ وَلَا يَدُومُ. [٨/ ٣٢٥ - ٣٢٩]
* * *
(الصحيح في معنى مُحاجة موسى لآدم عليه السَّلام)
٦٢١ - ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" (٢) عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى: يَا آدَمَ، أَنْتَ أَبُو الْبَشَرِ، الَّذِي خَلَقَك اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيك مِن رُوحِهِ، وَأَسْجَدَ لَك مَلَائِكَتَهُ، فَلِمَاذَا أَخْرَجْتنَا وَنَفْسَك مِن الْجَنَّةِ؟
فَقَالَ لَهُ آدَمَ: أَنْتَ مُوسَى الَّذِي كَلَّمَك اللهُ تَكْلِيمًا، وَكَتَبَ لَك التَّوْرَاةَ، فَبِكَمْ تَجِدُ فِيهَا مَكْتُوبًا: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه: ١٢١] قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟
قَالَ: بِأَرْبَعِينَ سَنَةً.
قَالَ: فتَلُومُني عَلَى أَمْرٍ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ؟
فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى".
وَهُوَ مَرْوِيٌّ أَيْضًا مِن طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِإِسْنَاد حَسَنٍ.
وَقَد ظَنَّ كَثِيرٌ مِن النَّاسِ أَنَّ آدَمَ احْتَجَّ بِالْقَدَرِ السَّابِقِ عَلَى نَفْيِ الْمَلَامِ عَلَى الذَّنْبِ.
إذَا عُرِفَ هَذَا فَنَقُولُ: الصَّوَابُ فِي قِصةِ آدَمَ وَمُوسَى أَنَّ مُوسَى لَمْ يَلُمْ آدَمَ إلَّا مِن جِهَةِ الْمُصِيبَةِ الَّتِي أَصَابَتْهُ وَذُرِّيَّتَهُ بِمَا فَعَلَ، لَا لِأَجْلِ أَنَّ تَارِكَ الْأَمْرِ مُذْنِبٌ عَاصٍ؛ وَلهَذَا قَالَ: لِمَاذَا أَخْرَجْتنَا وَنَفْسَك مِن الْجَنَّةِ؟ لَمْ يَقُلْ: لِمَاذَا خَالَفْت الْأَمْرَ وَلمَاذَا عَصَيْت؟
وَالنَّاسُ مَأْمُورُونَ عِنْدَ الْمَصَائِبِ الَّتِي تُصِيبُهُم بِأَفْعَالِ النَّاسِ أَو بِغَيْرِ
(١) أي: لا يكون بعون من الله وتيسيره لا يكون ولا يُيسر.(٢) البخاري (٤٧٣٨)، ومسلم (٢٦٥٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute