وَالْجَوَابُ الصَّحِيحُ: أَنَّ الْمُرَادَ مَن اتَّقَى اللهَ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ .. فَمَن عَمِلَ لِغَيْرِ اللهِ -كَأَهْلِ الرِّيَاءِ- لَمْ يُقْبَل مِنْهُ ذَلِكَ.
وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "مَن عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ" (١)؛ أَيْ: فَهُوَ مَرْدُودٌ غَيْرُ مَقْبُولٍ.
وَخَوْفُ مَن خَافَ مِن السَّلَفِ أَنْ لَا يُتَقَبَّلَ مِنْهُ؛ لِخَوْفِهِ أَنْ لَا يَكُونَ أَتَى بِالْعَمَلِ عَلَى وَجْهِهِ الْمَأْمُورِ، وَهَذَا أَظْهَرُ الْوُجُوهِ فِي اسْتِثْنَاءِ مَن اسْتَثْنَى مِنْهُم فِي الْإِيمَانِ وَفِي أَعْمَالِ الْإِيمَانِ؛ كَقَوْلِ أَحَدِهِمْ: أنَا مُؤمِنٌ إنْ شَاءَ اللهُ، وَصَلَّيْت إنْ شَاءَ اللهُ؛ لِخَوْفِ أَنْ لَا يَكُونَ أتَى بِالْوَاجِبِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ، لَا عَلَى جِهَةِ الشَّكِّ فِيمَا بِقَلْبِهِ مِن التَّصْدِيقِ. [٧/ ٤٩٤ - ٤٩٦]
* * *
(عُقُوبَةُ الذُّنُوب تَزُولُ عَن الْعَبْدِ بِنَحْوِ عَشَرَةِ أَسْبَابٍ، وبيانُ أنّ الْحَسَنَات قد تُكَفِّرُ الْكَبَائِر)
٥٦٤ - دَلَّتْ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ: عَلَى أَنَّ عُقُوبَةَ الذُّنُوبِ تَزُولُ عَن الْعَبْدِ بِنَحْوِ عَشَرَةِ أَسْبَابٍ:
أَحَدُهَا: التَّوْبَةُ، وَهَذَا متَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ تَعَالَى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٥٣)} [الزمر: ٥٣].
السَّبَبُ الثَّانِي: الِاسْتِغْفَارُ، كَمَا فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" (٢): "لَو لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْم يُذْنِبُونَ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُونَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ".
وَقَد يُقَالُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ: الِاسْتِغْفَارُ هُوَ مَعَ التَّوْبَةِ؛ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث: "مَا أَصَرَّ مَن اسْتَغْفَرَ وَإِن عَادَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ" (٣).
(١) رواه مسلم (١٧١٨).(٢) (٢٧٤٩).(٣) رواه أبو داود (١٥١٤)، وضعفه الألباني.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute