١١٦ - قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى أَنْ يَقِفَ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ويدْعُوَ، وَلَكِنْ يُسَلِّمُ وَيَمْضِي.
وَقَالَ أَيْضًا فِي "الْمَبْسُوطِ": لَا بَأْسَ لِمَن قَدِمَ مَن سَفَرٍ أَو خَرَجَ إلَى سَفَرٍ أَنْ يَقِفَ عَلَى قَبْرِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَيُصَلِّي عَلَيْهِ وَيَدْعُو لَهُ وَلأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ.
فَقِيلَ لَهُ: فَإنَّ نَاسًا مِن أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَا يَقْدَمُونَ مِن سَفَرٍ وَلَا يُرِيدُونَهُ، يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً أَو أَكْثَرَ، وَرُبَّمَا وَقَفُوا فِي الْجُمْعَة أَو فِي الْيَوْمِ الْمَرَّةَ وَالْمَرَّتَيْنِ أَو أَكْثَرَ عِنْدَ الْقَبْرِ فَيُسَلِّمُونَ ويدْعُونَ سَاعَة.
فَقَالَ: لَمْ يَبْلُغْنِي هَذَا عَن أَحَدٍ مِن أَهْلِ الْفِقْهِ بِبَلْدَتِنَا، وَلَا يُصْلِحُ آخِرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ إلَّا مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا، وَلَمْ يَبْلُغْنِي عَن أَوَّلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَصَدْرِهَا أَنَّهُم كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ إلَّا مَن جَاءَ مَن سَفَرٍ أَو أَرَادَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: رَأَيْت أَهْلَ الْمَدِينَةِ إذَا خَرَجُوا مِنْهَا أَو دَخَلُوهَا أَتَوْا الْقَبْرَ وَسَلَّمُوا، قَالَ: وَذَلِكَ دَأبِي (١).
فَهَذَا مَالِكٌ وَهُوَ أَعْلَمُ أَهْلِ زَمَانِهِ-؛ أَيْ: زَمَنِ تَاجِ التَّابِعِينَ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ الَّذِينَ كَانَ أَهْلُهَا فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِيهِمْ أَعْلَمَ النَّاسِ بِمَا يُشْرَعُ عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يَكْرَهُونَ الْوُقُوفَ لِلدُّعَاءِ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَيْهِ.
وَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ هُوَ الدُّعَاءُ لَهُ وَلصَاحِبَيْهِ، وَهُوَ الْمَشْرُوعُ مِنَ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ.
وَأَنَّ ذَلِكَ أَيْضًا لَا يُسْتَحَبُّ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ كُلَّ وَقْتٍ؛ بَل عِنْدَ الْقُدُومِ مِن
=قَبْرُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ. (٢٧/ ٤٤٦).وقال في موضع آخر: الْمَشْهَدُ الْمَنْسُوبُ إلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ -رضي الله عنهما- الَّذِي بالْقَاهِرَةِ كَذِبٌ مُخْتَلَقٌ بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ العُلَمَاءِ. (٢٧/ ٤٥١)(١) المدخل لابن الحاج (المتوفى ٧٣٧ هـ): (١/ ٢٦٢) وقال فى آخر النقل عن مالك وابن القاسم: قَالَ الْبَاجِيُّ: فَفَرْقٌ بَيْنَ أهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْغُرَبَاءِ؛ لِأنَّ الْغُرَبَاءَ قَاصِدُونَ إلَى ذَلِكَ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ مُقِيمُونَ بِهَا لَمْ يَقْصِدُوهَا مِن أَجْلِ الْقَبْرِ وَالتَّسْلِيمِ. اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute