هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "مَن أَدْرَكَ رَكْعَةً مِن الصَّلَاةِ فَقَد أَدْرَكَ الصلَاةَ" (١)، فَهَذَا نَصٌّ عَامٌّ فِي جَمِيعِ صُوَرِ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِن الصَّلَاةِ، سَوَاءٌ كَانَ إدْرَاكَ جَمَاعَةٍ أَو إدْرَاكَ الْوَقْتِ.
فَعَلَى هَذَا: إذَا كَانَ الْمُدْرَكُ أَقَلَّ مِن رَكْعَةٍ وَكَانَ بَعْدَهَا جَمَاعَةٌ أُخْرَى فَصَلَّى مَعَهُم فِي جَمَاعَةٍ صَلَاةً تَامَّةً: فَهَذَا أَفْضَلُ؛ فَإِنَّ هَذَا يَكُونُ مُصَلِّيًا فِي جَمَاعَةٍ، بِخِلَافِ الْأوَّلِ.
وَإِن كَانَ الْمُدْرَكُ رَكْعَةً، -أَو كَانَ أَقَلَّ مِن رَكْعَةٍ وَقُلْنَا إنَّهُ يَكُونُ بِهِ مُدْرِكًا لِلْجَمَاعَةِ (٢) - فَهُنَا قَد تَعَارَضَ إدْرَاكُهُ لِهَذِهِ الْجَمَاعَةِ (٣) وَإِدْرَاكُهُ لِلثَّانِيَةِ مِن أَوَّلهَا: فَإِنَّ إدْرَاكَ الْجَمَاعَةِ مِن أَوَّلهَا أَفْضَلُ.
وَإِن تَمَيَّزَت الْأُولَى بِكَمَالِ الْفَضِيلَةِ، أَو كَثْرَةِ الْجَمْعِ، أَو فَضْلِ الْإِمَامِ، أَو كَوْنِهَا الرَّاتِبَةَ: فَهِيَ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ أَفْضَلُ، وَتَلْكَ مِن جِهَةِ إدْرَاكِهَا بِحَدِّهَا أَفْضَلُ.
وَقَد يَتَرَجَّحُ هَذَا تَارَةً وَهَذَا تَارَةً.
وَأَمَّا إنْ قُدِّرَ أَنَّ الثَّانِيَةَ أَكْمَلُ أَفْعَالًا وَإِمَامًا أَو جَمَاعَةً: فَهُنَا قَد تَرَجَّحَتْ مِن وَجْهٍ آخَرَ.
وَمِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ تَكُنْ تُعْرَفُ فِي السَّلَفِ، إلا إذَا كَانَ مُدْرِكًا لِمَسْجِدٍ آخَرَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُن يُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ إمَامَانِ رَاتِبَانِ وَكَانَت الْجَمَاعَةُ تتوَفَّرُ مَعَ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ.
وَلَا رَيْبَ أَنَّ صَلَاتَهُ مَعَ الْإِمَام الرَّاتِب فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً وَلَو رَكْعَةً خَيْرٌ مِن صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَلَو كَانَ جَمَاعَةً (٤). [٢٣/ ٢٥٥ - ٢٥٨]
(١) رواه البخاري (٥٨٠)، ومسلم (٦٠٧).(٢) على القول الضعيف.(٣) التي فات منها بعض الركعات.(٤) وصلاتُه في بيتِه جماعة خيرٌ من صلاتِه في المسجد منفردًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute