١٣٨٠ - إذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ كلَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَهَا [أي: سُورَةَ الْإِخْلَاصِ] كَمَا فِي الْمُصْحَفِ مَرَّةً وَاحِدَةً، هَكَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ؛ لِئَلَّا يُزَادَ عَلَى مَا فِي الْمُصْحَفِ، وَأَمَّا إذَا قَرَأَهَا وَحْدَهَا أَو مَعَ بَعْضِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ إذَا قَرَأَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ عَدَلَت الْقُرْآنَ. [١٧/ ٢١٣]
١٣٨١ - قَد عُرِفَ أَنَّ التَّأوِيلَ فِي الْقُرْآنِ: هُوَ الْمَوْجُودُ الَّذِي يَؤُولُ إلَيْهِ الْكَلَامُ، وَإِن كَانَ ذَلِكَ مُوَافِقا لِلْمَعْنَى الَّذِي يَظْهَرُ مِن اللَّفْظِ، بَل لَا يُعْرَفُ فِي الْقُرْآنِ لَفْظ التَّأوِيلِ مُخَالِفًا لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ، خِلَافَ اصطِلَاحِ الْمُتَأَخِّرِينَ.
وَالْكَلَامُ نَوْعَانِ: إنْشَاء وَإِخْبَار.
فَالْإنْشَاءُ: الْأمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْإِبَاحَة، وَتَأوِيلُ الْأَمْرِ وَالنَّهْي: نَفْسُ فِعْلِ الْمَأمُورِ وَنَفْسُ تَرْكِ الْمَحْظُورِ، كَمَا فِي "الصَّحِيحِ" عَن عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: كَانَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُوده: "سُبْحَانَك اللهُم رَبَّنَا وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغفِرْ لي، يَتَأولُ الْقُرْآنَ" (١).
فَكَانَ هَذَا الْكَلَامُ تَأوِيلَ قَوْلِهِ: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} [النصر: ٣].
وَتَفْسِيرُ كَلَامِهِ (٢): لَيْسَ هُوَ نَفْسَ مَا يُوجَدُ فِي الْخَارج؛ بَل هُوَ بَيَانُهُ وَشَرْحُهُ وَكَشْفُ مَعْنَاهُ.
فَالتَّفْسِيرُ مِن جِنْسِ الْكَلَامِ: يُفَسِّرُ الْكلَامَ بِكَلَامٍ يُوَضِّحُهُ.
وَأَمَّا التَّأوِيلُ: فَهُوَ فِعْلُ الْمَأمُورِ بِهِ وَتَرْكُ الْمَنْهِي عَنْهُ، لَيْسَ هُوَ مِن جِنْسِ الْكَلَامِ (٣).
وَالنوْعُ الثانِي: الْخَبَرُ؛ كَإِخْبَارِ الرَّبِّ عَن نَفْسِهِ تَعَالَى بأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَإِخْبَارِهِ عَمَّا ذكره لِعِبَاده مِن الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، وَهَذَا هُوَ التَّأوِيلُ الْمَذْكُورُ فِي
(١) رواه البخاري (٨١٧)، ومسلم (٤٨٤).(٢) أي: كلام الله.(٣) هذا هو الفرق بين التفسير والتأويل.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute