وقيل: إنه طلّق حفصة طلقة واحدة، فأمره الله بمراجعتها، وقال له جبريل: إنها صوّامة قوّامة وقيل: لم يطلقها ولكن همّ بتطليقها فمنعه الله عن ذلك.
وقيل: لمّا رأته حفصة مع مارية في يومها قال لها: إنّى مسرّ إليك سرّا فلا تخبري أحدا: إنّ هذا الأمر يكون بعدي لأبى بكر ولأبيك.
ولكن حفصة ذكرت هذا لعائشة، وأوحى الله له بذلك، فسأل النبيّ حفصة: لم أخبرت عائشة بما قلت؟.
فقالت له: ومن أخبرك بذلك؟ قال أخبرنى الله، وعرّف حفصة بعض ما قالت، ولم يصرّح لها بجميع ما قالت، قال تعالى:«عَرَّفَ «١» بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ» ، فعاتبها على بعض وأعرض عن بعض- على عادة الكرام.
ويقال: إن النبي- صلى الله عليه وسلم- لمّا نزلت هذه الآية كان كثيرا ما يقول:
«اللهم إنى أعوذ بك من كل قاطع يقطعنى عنك» .
وظاهر هذا الخطاب «٢» عتاب على أنّه مراعاة لقلب امرأته حرّم على نفسه ما أحلّ الله له.
والإشارة فيه: وجوب تقديم حقّ الله- سبحانه- على كل شىء في كل وقت.
أنزل الله ذلك عناية بأمره عليه السلام، وتجاوزا عنه. وقيل: إنه كفّر بعتق رقبة، وعاود مارية.
(١) وفي قراءة «عرف» بدون التشديد: أي غضب فيه وجازى عليه، وهو كقولك لمن أساء إليك: لأعرفن لك ما فعلت أي: لأجازينّك عليه، وجازاها النبي بأن طلقها طلقة واحدة. وكان أبو عبد الرحمن السلمى يحصب بالحجارة من يقرأها مشددة. (٢) أي «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ..»