من تمام المكر بهم، والمبالغة فى عقوبتهم أنّا نعذّبهم وهم لا يشعرون، نستدرجهم من حيث لا يعلمون نملى لهم فيظنون ذلك إنعاما، ولا يحسبونه انتقاما، فإذا برزت لهم كوامن التقدير عند مغاراتها علموا أنهم لفى خسران، وقد اتّضح لكلّ ذى بصيرة أن ما يكون سبب العصيان وموجب النسيان غير معدود من جملة الإنعام.
جمعهم اليوم من حيث الأشخاص والمبانى، ولكنه فرّقهم فى الحقائق والمعاني فمن طيّبة سجيته، ومن خبيئة طينته. وهم وإن كانوا مشائب «١» ففى بصيرة الخواص هم ممتازون «٢» .
(١) مشائب أخلاط. (٢) ممتازون هنا مرتبطة بالفعل (يميز) الذي فى الآية الكريمة أي إنهم معلومون عندنا نميز طيبهم مهما كانوا أخلاطا.