أنكروا حديث البعث غاية الإنكار، فأقام الحجّة عليهم بالنشأة الأولى فقال: إن الذي قدر على خلق الخلق فى الابتداء وهم نطف ضعفاء، وقبل كانوا فى أصلاب الآباء وأرحام الأمهات ففطرهم، وعلى ما شاء صوّرهم، وفى الوقت الذي أراد- عن «١» بطون أمهاتهم أخرجهم.
قوله:«وَلَمْ يَكُ شَيْئاً» فيه دليل على صحة أهل البصائر أنّ المعدوم لم يك شيئا فى حال عدمه «٢» .
ويقال أبطل لهم كلّ دعوى حيث ذكّرهم نسبهم وكونهم من العدم.
نحشرهم جميعا فيجتمعون فى العرصة «٣» . ثم يختلف منقلبهم فيصير قوم إلى النار ثم إلى دركات بعضها أسفل من بعض- واسم جهنم يجمع أماكنهم. ويصير قوم إلى الجنة ثم هى درجات بعضها أعلى رتبة ودرجة من بعض- واسم الجنة يشتمل على جميع مساكنهم.
ويقال التفاوت فى الجنة بين الدرجات أكثر من التفاوت بين أهل الدارين.
(١) الأصوب أن تكون (من) كما ورد فى الآية ٧٨ سورة النحل: «وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً» . (٢) وفيه ردّ على القائلين بأن المادة لا تستحدث. (٣) العرصة ساحة الدار أو صفيحة من الحديد توضع فى التنور لينضج عليها الخبز وغيره (الوسيط)