يا داود، إن أنين المذنبين أحبّ إلى من صراخ العابدين! ويقال، كان داود يقول. اللهم لا تغفر للخاطئين، غيرة منه وصلابة في الدين ...
فلما وقع له ما وقع كان يقول. اللهم اغفر للمذنبين، فعسى أن تغفر لداود فيما بينهم.
ويقال لمّا تاب الله عليه، واجتمع الإنس والجنّ والطير بمجلسه، ورفع صوته، وأداره فى حنكه على حسب ما كان من عادته تفرّقت الطيور وقالوا: الصوت صوت داود والحال ليست تلك! فأوحى الله إليه هذه وحشة الزّلة، وتلك كانت أنس الطاعة.. فكان داود يبكى وينوح ويصيح والطير والجبال معه.
ويقال ليس كلّ من صاح وراءه معنى «١» ، فالمعنى كان مع داود لا مع الجبال والطير ...
«أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صالِحاً» . ألان له الحديد، وجعل ذلك معجزة له، وجعل فيه توسعة رزقه، ليجد في ذلك مكسبا، ليقطع طمعه عن أمته في ارتفاقه بهم ليبارك لهم في اتّباعه «٢» .
(١) هذه غمزة بمن يتظاهرون بالتواجد في مجالس السماع الصوفية، إذ ينبغى الصدق ليتحول التواجد إلى وجد ثم إلى وجود. (٢) هذا تنبيه لمن يتصدر منزلة الإمامة: ألا يرتفق، وألا يطلب عوضا، وألا يطمع في الذين يتبعونه.