«صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ» : خلق العرش والكرسيّ والسماوات والأرضين وجميع المخلوقات ولم يقل هذا الخطاب، وإنما قال لنا:«وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ» وليس الحسن ما يستحسنه الناس بل الحسن ما يستحسنه الحبيب:
ما حطك الواشون عن رتبة ... عندى ولا ضرّك مغتاب
كأنهم أثنوا- ولم يعلموا- عليك عندى بالذي عابوا لم يقل للشموس في علائها، ولا للأقمار في ضيائها:«وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ» .
ولمّا انتهى إلينا قال ذلك، وقال:«لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ»«١» ويقال إن الواشين قبّحوا صورتكم عندنا «٢» ، بل الملائكة كتبوا في صحائفكم قبيح ما ارتكبتم.. ومولاكم أحسن صوركم، بأن محا من ديوانكم الزّلّات، وأثبت بدلا منها الحسنات، قال تعالى:«يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ»«٣» ، وقال:
ليس الطيب ما تستطيبه النفس إنما الطيب ما يستطيبه القلب، فالخبز
(١) آية ٤ سورة التين. (٢) ربما يقصد القشيري بذلك إبليس الذي استعلى بكونه مخلوقا من نار على آدم المخلوق من الطين. (٣) آية ٣٩ سورة الرعد. (٤) آية ٧٠ سورة الفرقان.