الذي سوّلت له نفسه أمرا يتوهّم أنه على صواب، ثم يحمل صاحبه على موافقته في باطله، ويدّعى أنه على حقّ. وهو بهذا يضر بنفسه ويضر بغيره. ثم إذا ما انكشف- غدا- الغطاء تبيّن صاحبه خيانته، وندم على صحبته، ويقول:«يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا»«١» و «يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ» . ولكنّ هذه الندامة لا تنفع حينئذ لأنّ الوقت يكون قد فات، لهذا قال تعالى:
هذا الاستفهام فيه معنى النفي أي أنه ليس يمكنك هداية من سددنا بصيرته، ولبّسنا عليه رشده، ومن صببنا في مسامع فهمه رصاص الشقاء والحرمان.. فكيف يمكنك إسماعه؟! قوله جل ذكره:
أثبته على حدّ الخوف «٣» والرجاء، ووقفه على وصف التجويز لاستبداده «٤» - سبحانه
(١) آية ٢٨ سورة الفرقان. (٢) في م (مبين) وهي خطأ في النسخ إذ الصواب (المين) أي الكذب. (٣) فى ص (الحزن) : لكننا آثرنا عليها ما جاء في م فالخوف- لا الحزن- يقابل الرجاء في المصطلح الصوفي (أنظر رسالة القشيري ص ٣٥) . (٤) استبد بالأمر- انفرد به (الوسيط) .