«وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ» أي بما يكاشفهم به فى الأنظار مما يقفون عليه بوجوه الاستدلال، وبما يلاطفهم به فى الأسرار مما يجدونه فى أنفسهم من فنون الأحوال.
أظهر شرف المصطفى- صلّى الله عليه وسلّم- بقوله:«النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ» أي أنه لم يكن شىء من فضائله وكمال علمه وتهيؤه إلى تفصيل شرعه من قبل نفسه، أو من تعلّمه وتكلّفه، أو من اجتهاده وتصرّفه.. بل ظهر عليه كلّ ما ظهر من قبله- سبحانه- فقد كان هو أمّيا غير قارئ للكتب، ولا متتبّع للسّير.
ثم قال:«يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ» : والمعروف هو القيام بحق الله، والمنكر هو البقاء بوصف الحظوظ وأحكام الهوى، والتعريج فى أوطان المني، وما تصوّره للعبد تزويرات الدعوى «١» . والفاصل بين الجسمين، والمميّز بين القسمين- الشريعة، فالحسن من أفعال العباد ما كان بنعت الإذن من مالك الأعيان فلهم ذلك، والقبيح ما كان موافقا للنّهى «٢» والزجر فليس لهم فعل ذلك.