كان نوح- عليه السلام- أطولهم عمرا، وأكثرهم بلاء. ففى القصة أنه كان يضرب سبعين مرة، وكان الرجل الهرم يحمل حفيده إليه ويقول. لا تقبل قول هذا الشيخ وكان يوصيه بمخالفته. وكان نوح- عليه السلام- يصبر على مقاساة الأذى، ويدعوهم إلى الله، فلمّا أيس من إيمانهم، وأوحى إليه:«أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ»«٢» دعا عليهم فقال: «رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً»«٣» فقال تعالى: «وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ....» فأزهق الشّرك وأغرق أهله.
أشركهم فى حكم النبوة وإن كان بين درجتيهما تفاوت.. ففى مسألة واحدة أثبت لسليمان- عليه السلام- بها خصوصية إذ منّ عليه بقوله:«فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ» ولم بمن عليه بشىء من الملك الذي أعطاه بمثل ما منّ عليه بذلك، وفى هذه المسألة دلالة على تصويب المجتهدين- وإن اختلفوا- إذا كان اختلافهم فى فروع الدّين حيث قال: «وَكُلًّا آتَيْنا
(١) لأن الرحمة من صفات ذاته- سبحانه، وصلاح العبد فيه شىء من كسب العبد. (٢) آية ٣٦ سورة هود. (٣) آية ٢٦ سورة نوح.