ومآلهم فى الطلبات يختلف: فمن صبر على مقاساة مشقة فى الله. فعوضه وثوابه عظيم من قبل الله، قال تعالى:«إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ»«١» .
ومن صبر عن اتباع شهوة لأجل الله، وعن ارتكاب هفوة مخافة لله فجزاؤه كما قال تعالى: أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً» «٢» .
ومن صبر تحت جريان حكم الله، متحققا بأنه بمرآة من الله فقد قال تعالى:«إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ»«٣» .
الصالح ما يصلح للقبول، والذي يصلح للقبول ما كان على الوجه الذي أمر الله به. وقوله «مَنْ عَمِلَ صالِحاً» : فى الحال، «فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً» : فى المآل فصفاء الحال يستوجب وفاء المآل، والعمل الصالح لا يكون من غير إيمان، ولذا قال:«وَهُوَ مُؤْمِنٌ» .
ويقال «وَهُوَ مُؤْمِنٌ» أي مصدّق بأن إيمانه من فضل الله لا بعمله الصالح. ويقال «وَهُوَ مُؤْمِنٌ» أي مصدّق بأن عمله بتوفيق الله وإنشائه وإبدائه. قوله «فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً» :
(١) آية ١٠ سورة الزمر. (٢) آية ٧٥ سورة الفرقان. (٣) صبر العبد مع الله أشد أنواع الصبر ويكون- كما يقول عمرو بن عثمان: بالثبات مع الله، وتلقى بلائه بالرحب والدعة. وصبر الله مع العبد يصفه الشيخ الدقاق بقوله: فاز الصابرون بعز الدارين لأنهم نالوا من الله تعالى معيته. (الرسالة ص ٩٣) .