ويقال كان يعقوب- عليه السلام- متحمّلا بنفسه وقلبه، ومستريحا محمولا بسرّه وروحه لأنه علم من الله- سبحانه- صدق حاله فقال: َ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ»
، وفى معناه أنشدوا:
إذا ما تمنّى الناس روحا وراحة ... تمنّيت أن أشكوا إليك فتسمعا
كان يعقوب عليه السلام يبعث بنيه فى طلب يوسف، وكان الإخوة يخرجون بطلب المسيرة وفى اعتقادهم هلاك يوسف.. وكلّ إنسان وهمّه.
ويقال قوله «فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ» أمر بطلب يوسف بجميع حواسّهم بالبصر لعلّهم تقع عليه أعينهم، وبالسّمع لعلّهم يسمعون ذكره، وبالشمّ لعلّهم يجدون ريحه وقد توهّم يعقوب أنهم مثله فى إرادة الوقوف على شأنه. ثم أحالهم على فضل الله حيث قال:«لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ» .
ويقال لم يكن ليعقوب أحد من الأولاد بمكان يوسف، فظهر من قلّة الصبر عليه ما ظهر، وآثر غيبة الباقين من الأولاد فى طلب يوسف على حضورهم عنده.. فشتّان بين حاله معهم وبين حاله مع يوسف! واحد لم يره فابيضّت عيناه من الحزن بفرقته، وآخرون أمرهم- باختياره- بغيبتهم عنه «١» .
(١) هنا لفتة ذكية إلى أنثا قد نحب ونهلك في حب من لا تراه أعيننا.. فإذا صح هذا بالنسبة لمخلوق مثلنا فكيف بالنسبة لبارئنا وخالقنا!!؟ ثم إن التقريب والإبعاد يرتبطان بالاجتباء الإلهى وحده. [.....]