قال تعالى:«كَذلِكَ الْعَذابُ» لأهل مكة «وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ» :
وهكذا «٢» تكون حال من له بداية حسنة ويجد التوفيق على التوالي، ويجتنب المعاصي، فيعوضه الله في الوقت نشاطا، وتلوح في باطنه الأحوال. فإذا بدر منه سوء دعوى أو ترك أدب من آداب الخدمة تنسدّ عليه تلك الأحوال ويقع في قره «٣» من الأعمال. فإذا حصل منه بالعبادات إخلال، ولبعض الفرائض إهمال- انقلب حاله، وردّ من الوصال إلى البعاد، ومن الاقتراب إلى الاغتراب عن الباب، فصارت صفوته قسوة. وإن كان له بعد ذلك توبة، وعلى ما سلف منه ندامة- فقد فات الأمر من يده، وقلمّا يصل إلى حاله.
(١) هذا أيضا رأى مجاهد، فجعل قول: إن شاء الله من التسبيح، وهذه هي حقيقة تقديم المشيئة، فهى تنزيه لله بأن لا شىء إلا بمشيئته. (٢) هذه الإشارة موجهة إلى أرباب السلوك يقصد بها إلى التوضيح أن العبرة بالخواتيم، وينبغى الاهتمام بهذه الفقرة كلها عند بحثنا عن «وصايا القشيرى للمريدين» . (٣) جمع أقره وهو ما اسودّ من الجلد وتقشّر.