المضمضة والاستنشاق: نفلان في الوضوء, فرضان في غسل الجنابة عندنا (١)، وعند الشافعي: نفلان فيهما جميعًا (٢)، وعند مالك: فرضان فيهما جميعًا (٣).
دليلنا في ذلك: ما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"بلو الشعر وانقو البشر، فإن تحت كل شعرة جنابة"(٤)، ولا شك أن في الأنف شعر، فيجب إيصال الماء إليه.
واحتج الشافعي: بقول الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}(٥)، ولم يأمرنا بالمضمضة والاستنشاق (٦).
(١) انظر: القدوري، ص ٢؛ تحفة الفقهاء ١/ ١٤، ٥٢؛ الهداية ١/ ١٦. وسبب التفريق بين الوضوء والغسل: "أن الواجب في الوضوء: غسل الوجه، وداخل الفم والأنف ليس بوجه؛ لأنه لا يواجه الناظر إليه بكل حال، وأما في الغسل، فالواجب: غسل جميع أعضاء البدن، ويمكن إيصال الماء إليهما بلا حرج". تحفة الفقهاء ١/ ١٤، ٥٢. (٢) انظر الأم ١/ ٢٤؛ المهذب ١/ ٢٢، ٣٨؛ المجموع ١/ ٥٠٩. (٣) الصحيح في مذهب مالك رحمه الله تعالى: أنهما مندوبان فيهما جميعًا. انظر: الإمام مالك بن أنس، المدونة الكبرى ١/ ١٥؛ القيرواني، رسالة ابن أبي زيد القيرواني، مع شرح الثمر الداني، ص ١٤، ٦١؛ الدردير، الشرح الصغير علي أقرب المسالك إلى مذهب مالك ١٠/ ١١٨، ١٧٠. (٤) الحديث أخرجه أصحاب السنن الأربعة إلا النسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وكلهم في كتاب الطهارة: أبو داود، باب في الغسل من الجنابة (٢٤٨)، وقال: "الحارث حديثه منكر، وهو ضعيف" ١/ ٦٥؛ الترمذي، باب ما جاء أن تحت كل شعرة جنابة (١٠٦)، وقال: "حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث الحارث، وهو: شيخ ليس بذاك" ١/ ١٧٨؛ ابن ماجه، نحوه (٥٩٧)، ١/ ١٩٦؛ وقال ابن حجر: "وهو ضعيف جدًا؛ وقال الشافعي: هذا الحديث ليس بثابت". تلخيص الحبير ١/ ١٤٢. (٥) سورة المائدة: آية ٦. (٦) انظر: الأدلة بالتفصيل: المجموع ١/ ٥٠٩، وما بعدها.