قضاء القاضي ينفذ ظاهرًا وباطنًا عندنا (١)، وعند الشافعي: ينفذ ظاهرًا لا باطنًا (٢).
بيان ذلك: أن المرأة إذا دعت الطلاق بين يدي القاضي، فجاءت بشاهدي زور، ففرق القاضي بشهادتهما، ثم تزوجها رجل آخر، يكون حلالًا له عندنا: ظاهرًا وباطنًا، وعند الشافعي: يحل له ظاهرًا، ويحل للأول باطنًا.
دليلنا في المسألة:[ما] روي أن رجلًا ادّعى نكاح امرأة على عهد علي رضي الله عنه، وأقام شاهدين فقضى بالمرأة له، فقالت المرأة: يا أمير المؤمنين: إن كان لا بد فزوّجني منه، ليس بيني وبينه نكاح، فقال علي رضي الله عنه:"شاهداك زوّجاك"(٣). فجعل حكمه بعد إقامة الشهادة بالنكاح ظاهرًا، وهذا في المذهب.
احتج الشافعي في المسألة، وقال: بأن قضاء القاضي مبني على الشهادة، فشهادة [الشهود](٤) ها هنا قامت في الظاهر، [فوجب](٤) أن ينفذ حكمه في الظاهر على وفق الشهادة، حتى يكون حكم القاضي موافقًا للحجة (٥).
(١) انظر: مختصر الطحاوي، ص ٣٥٠؛ المبسوط ١٦/ ١٨٠. (٢) انظر: مختصر المزني، ص ٣٠٣؛ المنهاج، ص ١٤٩؛ الروضة ١١/ ١٥٢، ١٥٣. (٣) ذكر الرخسي الأثر في المبسوط ولكني لم أعز عليه في كتب الأحاديث والآثار؛ المبسوط ١٦/ ١٨٠. (٤) زيدت لاستقامة العبارة. (٥) واستدل الشافعي من النقل بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قضيت له من حق أخيه بشيء، فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار". الحديث أخرجه الشيخان من حديث أم سلمة رضي الله عنهما، وقد سبق تخريجه في المسألة (٢١١)، ص ٣٣١.