المتيمم يجوز له أن يجمع بين فريضتين بتيمم واحد عندنا (١)، وعند الشافعي: لا يجوز (٢).
دليلنا، قوله - صلى الله عليه وسلم -: "التيمم وضوء المسلم ولو إلى عشر حجج"(٣)، فجعل حكم التيمم كحكم الوضوء, بالوضوء يجوز الجمع بين فريضتين، فكذلك في التيمم، وجب أن يجوز.
واحتج الشافعي، بقوله تعالى:{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}(٤) فأمر بغسل الوجه عند القيام إلى الصلاة فالآية مطلقة (٥) أمر بالطهارة عند القيام إلى الصلاة، والطهارة إنما تكون بالماء، وتارة بالتراب (٦).
= انظر: السنن الكبرى ١/ ٢١٤؛ ابن كثير، تفسير القرآن العظيم ١/ ٥٠٤؛ تهذيب اللغة، مادة: (صعد). (١) انظر: القدوري، ص ٥؛ تحفة الفقهاء ١/ ٩١. (٢) انظر: الأم ١/ ٤٧؛ المهذب ١/ ٤٣؛ الوجيز ١/ ٢١؛ المنهاج، ص ٧. (٣) الحديث أخرجه أبو داود والترمذي والبيهقي في سننهم من حديث أبي ذر رضي الله عنه، وقد سبق تخريجه في المسألة (١٩)، ص ١١٣. (٤) سورة المائدة: آية ٦. (٥) في الأصل: (مطلقة أمر، أمر الطهارة). (٦) وأظهر من هذا ما ذكره النووي في وجه الاستدلال بالآية، بقوله: "فاقتضى وجوب الطهارة عند كل صلاة، فدلت السنة على جواز صلوات بوضوء فبقي التيمم على مقتضاه"، وذكر أيضًا أدلة أخرى؛ المجموع ١/ ٣٢٤. منشأ الخلاف في هذه المسألة، هو: أن الأصل عند الأحناف "أن التيمم بدل مطلق، وليس بضروري، يعني به: أن الحدث يرتفع بالتيمم إلى وقت وجود الماء، في حق الصلاة المؤداة، لا أن تباح له مع قيام الحدث للضرورة. وعند الشافعي، هو: بدل ضروري، ويعني به: أن تباح له الصلاة بالتيمم مع قيام الحدث حقيقة، وجعل عدمًا شرعًا بضرورة صحة الصلاة، بمنزلة طهارة المستحاضة". انظر: تحفة الفقهاء ١/ ٨٩، ٩٠.