وهذا قد أعتق رقبة؛ لأن رقبة الكافر رقبة، فوجب أن يجزيه، كما لو أعتق عبدًا مسلمًا.
احتج الشافعي في المسألة، وهو: أن هذا صرف الكفارة إلى الكافر، فوجب أن لا يجوز، كما لو صرف الزكاة إلى الكافر، فإنه لا يجوز (١).
مسألة: ٢٩٩ - إعتاق المكاتب عن كفارة اليمين
إذا أعتق المكاتب عن كفارة يمينه، يجوز عندنا (٢)، وعند الشافعي: لا يجوز (٣).
دليلنا في المسألة، [وهو]: إن المكاتب عبد قبل أن يؤدي الكتابة، بدليل: ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"المكاتب عبد ما بقي عليه درهم"(٤) فسمي المكاتب عبدًا ولو أعتق العبد، لأجزأه، فكذلك المكاتب.
(١) واستدل الطرفان لإِيجاب الكفارة بعتق الرقبة بآية كفارة الظهار، وهي قوله عز وجل: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣]. وإنما نشأ الخلاف بين المذهبين، بقاعدة أصولية وهي: إذا اختلف السبب مع اتحاد الحكم - كما في قوله تعالى في الظهار: {فتحرير رقبة} وفي كفارة القتل: {فتحرير رقبة مؤمنة} (النساء ٩٢) - فهل يبقى المطلق علي إطلاقه، أم يحمل المطلق على المقيد؟ . فالأحناف: "أجرو المطلق علي إطلاقه، والمقيد علي تقييده، لا طلاق اسم الرقبة في النصوص". وحمل الشافعي: المطلق علي المقيد جمعًا بين الدليلين. انظر: المبسوط ٧/ ٣؛ البدائع ٦/ ٢٩٢٨؛ المهذب ٢/ ١١٦؛ شرح سمع الجوامع ٢/ ٥٠، ٥١ مع حاشية البناني؛ تيسير التحرير ٨/ ٣٣١. (٢) يجوز إعتاق المكاتب عن الكفارة استحسانًا إذا أعتقه قبل أن يؤدي شيئًا من بدل الكتابة. انظر: المبسوط ٧/ ٥، ٨/ ١٤٤؛ تحفة الفقهاء ٢/ ٥١٠؛ البدائع ٦/ ٢٩٢٢. (٣) انظر: الأم ٥/ ٢٨١، ٧/ ٦٦؛ المهذب ٢/ ١١٧، ١٤٢؛ المنهاج، ص ١١٣، ١٤٥. (٤) الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وقد سبق تخريجه في المسألة (١٣٦)، ص ٢٤١.