إذا بلغ الصبي في خلال الشهر، أو أفاق المجنون يجب عليه قضاء ما فاته عندنا (١)، وعند الشافعي: لا يجب عليه قضاء ما فاته (٢).
دليلنا في المسألة: أن نقول الجنون معنى، لو زال في بعض النهار يلزمه قضاء ذلك اليوم فكذلك إذا زال الجنون في بعض الشهر وجب أن يلزمه قضاء ما فاته (٣)، دليله: الإغماء (٤)؛ لأن الشهر كله عبادة واحدة.
احتج الشافعي، في المسألة: ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصبي حتى يحتلم"(٥)، [فإن] النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع القلم عن المجنون حتى يفيق، فلو أوجبنا عليه قضاء ما فاته أجرينا عليه القلم، وهذا لا يجوز (٦).
(١) ذكر المؤلف الحكم هنا مجملًا: وجعل للصبي والمجنون حكمًا واحدًا في القضاء، مع أن الصبي لا يجب عليه قضاء ما فاته، خلافًا لما ذكره، وإنما القضاء على المجنون وحده إذا أفاق. قال الشيباني: "قلت: أرأيت الغلام يحتلم في النصف من شهر رمضان ثم يفطر بعد ذلك متعمدًا؟ قال: عليه القضاء والكفارة فيما أفطر بعد احتلامه في غير اليوم الذي احتلم فيه". الأصل ٢/ ٢٣٣، ٢٣٥؛ والمبسوط ٣/ ٨٨. (٢) انظر: المجموع مع المهذب ٢٧٦/ ٦، ٢٧٧. (٣) واستدلوا على ذلك بالاستحسان كما قال السرخسي: "واستحسن علماؤنا بقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} والمراد منه شهود بعض الشهر .. فصار بهذا النص شهود جزء من الشهر سببا لوجوب صوم جميع الشهر إلا في موضع قام الدليل على خلافه .. .". المبسوط ٣/ ٨٨. (٤) واستدل بالتنظير بالإغماء؛ لأن "المغمى عليه في جميع الشهر إذا أفاق بعد مضيه فعليه القضاء". المبسوط ٣/ ٨٧. وانظر: المجموع ٦/ ٢٨٧. (٥) الحديث سبق تخريجه في المسألة (٤٦)، ص ١٤٠. (٦) انظر: المجموع ٦/ ٢٧٧.