لا يجوز للأب والجد إجبار البكر البالغة على النكاح، بل يزوّجها برضاها عندنا (١)، وعند الشافعي: يجوز بغير رضاها (٢).
دليلنا في المسألة: بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (أنه إذا أراد أن يزوّج بناته، دنى إلى خدرها ويستأمرها)(٣) فلو لم يكن الاستئمار شرطًا لما فعل، ولو استأمرها وسكتت كان سكوتها رضاها؛ لأنها تستحيي عن التكلم، و [إظهار](٤) الرغبة في الرجال، فأقيم السكوت مقام الرضا (٥).
احتج الشافعي، في المسألة وهو: أن الأب والجد كان لهما أن يزوّجاها قبل البلوغ بغير رضاها؛ لأن الولاية باقية، فوجب أن لا يشترط [رضاها](٦).
(١) انظر: مختصر الطحاوي، ص ١٧٢؛ القدوري، ص ٦٩؛ المبسوط ٥/ ٢؛ تحفة الفقهاء ٢/ ٢٢٤؛ الهداية ٣/ ٢٦٠، مع شرح فتح القدير. (٢) انظر: الأم ٥/ ١٧؛ المهذب ٢/ ٣٨؛ الوجيز ٢/ ٥؛ المنهاج، ص ٩٦. (٣) الحديث بتمامه رواه الإمام أحمد عن عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يزوج شيئًا من بناته، جلس إلى خدرها، فقال: إن فلانًا يذكر فلانة، يسمّيها ويسمّي الرجل الذي يذكرها فإن هي سكتت زوّجها، وإن كرهت نقرت الستر، فإن نقرته لم يزوّجها"، مسند الإِمام أحمد ٦/ ٧٨. (٤) في أصل المخطوط: (المهار). (٥) انظر الأدلة بالتفصيل: المبسوط ٥/ ٢، ٣؛ فتح القدير ٣/ ٢٦١ وما بعدها. (٦) وفي الأصل: (زمانها). واستدل الشافعي من النقل بأدلة كثيرة منها: ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأيّم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها". أخرجه الجماعة إلا البخاري: مسلم في النكاح، باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت (١٤٢١)، ٢/ ٣٧. انظر الأدلة بالتفصيل: الأم ٥/ ١٧، ١٨؛ المهذب ٢/ ٣٨.