احتج الشافعي في المسألة، وقال: بأنا لو خلينا والقياس، لكنا نقول: إن لبن الآدمية حرام؛ لأنه جزء منه والآدمي محرم جميع أجزائه، إلا أن الشرع أباحه للصبي للضرورة؛ لأن طبعه لا [يحتمل] الغذاء، فلو غذيناه بلبن البهائم، ربما يتخلق بأخلاق البهائم، فالشرع أباحه لأجل الضرورة، فإذا بلغ السنتين فقد زالت الضرورة؛ لأن طبعه يحتمل الغذاء، فقدرناه السنتين لهذا المعنى (١).
مسألة: ٣١٥ - سقي الصبي
اللبن إذا شيب بالماء وسقي الصبي، عندنا: لا تثبت الحرمة إذا كانت الغلبة للماء (٢) , وعند الشافعي: تثبت الحرمة، سواء كان الماء غالبًا أو مغلوبًا (٣).
دليلنا في المسألة، وهو: أن اللبن إنما يثبت الحرمة لحصول الغذاء؛ لأن الغذاء يثبت الجزئية ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الرضاع ما أنبت اللحم وأنشز العظم"(٤)، فإذا ثبت أن اللبن إنما يثبت
(١) واحتج الشافعي من النقل بقول الله عز وجل: {حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} (البقرة ٢٣٣)، وأدلة أخرى. انظر: المصادر السابقة للشافعية، مع أدلة الصاحبين رحمهم الله تعالى. (٢) انظر: مختصر الطحاوي، ص ٢٢٢؛ القدوري، ص ٧٢؛ المبسوط ٥/ ١٤٠. (٣) لكن يشترط عند الشافعية: "أن يكون اللبن قدرًا يمكن أن يسقي منه خمس دفعات لو انفرد عن الخليط علي أصح الوجهين عندهم". انظر: مختصر المزني، ص ٢٢٧؛ المهذب ٢/ ١٥٨؛ المنهاج، ص ١١٧؛ الروضة ٩/ ٥١٤. (٤) الحديث أخرجه أبو داود والبيهقي من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. قال: "لا رضاع إلا ما شد العظم وأنبت اللحم"، وفي رواية: "وأنشز العظم". وفي السند: أبو موسى الهلالي وأبوه، قال أبو حاتم: مجهولان. ولكن أخرجه البيهقي من وجه آخر من حديث أبي حصين عن أبي عطية قال: . جاء رجل إلى أبي موسى فذكره بمعناه: أبو داود، في النكاح، باب في رضاعة الكبير (٢٠٥٩، ٢٠٦٠)، ٢/ ٢٢٢؛ السنن الكبرى ٧/ ٤٦٠، ٤٦١؛ التلخيص الحبير ٤/ ٤.