واحتج الشافعي: بقوله تعالى: {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدًا طيبًا}(١)، ونفي [الوجود](٢)، إنما يكون بعد الطلب (٣).
مسألة: ٣٠ - حكم المني
المني نجس عندنا (٤)، وعند الشافعي: طاهر، رطبًا كان أو يابسًا (٥) ولا خلاف أنه إذا يبس وفركه يطهر، ولا يحتاج إلى الغسل (٦).
دليلنا: أن المني مائع، ينتقض به الطهارة، فوجب أن يكون نجسًا، كدم الحيض؛ لأن مجرى المني ومجرى البول واحد، فإذا استويا في المجرى وجب أن يستويا، في النجاسة، لقوله تعالى:{أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ}(٧)، والمهين هي: للنجس (٨).
(١) سورة المائدة: آية ٦. (٢) في الأصل (الوجوب). والظاهر أنها: (الوجود). لأنها مأخوذة من قوله تعالى: {فلم تجدوا} والله أعلم. (٣) راجع الأدلة بالتفصيل: المجموع ١/ ٢٧١ وما بعدها. (٤) انظر: القدوري، ص ٧؛ البدائع ١/ ٢٦٧؛ الهداية ١/ ٣٥. (٥) انظر: الأم ١/ ٥٥؛ المهذب ١/ ٥٤؛ التنبيه، ص ١٧؛ المنهاج، ص ٦. (٦) انظر: الأم ١/ ٥٥؛ القدوري، ص ٧. (٧) سورة المرسلات: آية ٢٠. (٨) والذي ذكر في كتب التفاسير واللغة، أن معنى المهين: هو الحقير الذليل الضعيف. انظر: كتاب مجموعة من التفاسير: تفسير البيضاوي؛ النسفي؛ الخازن؛ تنوير المقباس ٦/ ٤٣٢؛ الصحاح، مادة: (مهن). واستدلوا كذلك بما أخرجه مسلم عن عائشة رضي الله عنها: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغسل المني، ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب، وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه". مسلم، في الطهارة، باب حكم المني (٢٨٩)، ١/ ٢٣٩، راجع أدلتهم بالتفصيل: العيني، البناية في شرح الهداية ١/ ٧٢٠ وما بعدها.