القاتل إذا التجأ إلى الحرم، أو قاطع الطريق إذا التجأ إلى الحرم، عندنا: لا يستوفى القصاص في الحرم، ولكن يضيّق عليه أمره، حتى لا يؤاكل ولا يشارب ولا يبايع، حتى يخرج إلى الحل فيستوفى منه القصاص (١)، وعند الشافعي: يستوفى في الحرم (٢).
دليلنا: قوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}(٣)، جعل الداخل آمنًا؛ لأنه لما دخل في الحرم ملتجئًا معظمًا، وجب أن يكون آمنًا عن القتل، عملًا بهذه الآية.
احتج الشافعي، في المسألة وقال: قد أجمعنا على أنه لو قتل في الحرم، أو قطع الطريق في الحرم، فإنه يقتل، فكذلك ها هنا إذا قتل خارج الحرم ثم دخل الحرم، فلوقلنا: إِنَّهُ ينتظر إلى حين خروجه، يفوت من له حق القصاص، ومن له القصاص حقه محترم مراعى، ومراعاته: استيفاء القصاص في الموضع الذي قدر عليه (٤).
(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص ٢/ ٢١؛ الدر المختار ٣/ ٦٢٥، مع حاشية ابن عابدين. (٢) انظر: المهذب ٢/ ١٨٩؛ الوجيز ٢/ ١٣٦. (٣) سورة آل عمران: آية ٩٧. راجع بالتفصيل: أحكام القرآن للجصاص ٢/ ٢٠ - ٢٣. (٤) واستدل الشيرازي على قتل القاتل الملتجئ إلى الحرم، بقوله عز وجل: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [النساء: ٨٩]، وقال: "لأنه قتل لا يوجب الحرم ضمانه، فلم يمنع منه، كقتل الحية والعقرب". المهذب ٢/ ١٨٩.