يقسم خمس الغنية في زماننا على ثلاثة أسهم عند أبي حنيفة: سهم للفقراء، وسهم للمساكين، وسهم لليتامى، وأما سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسهم ذوي القربى فساقط. وعند الشافعي: يقسم خمس الغنيمة على خمسة أسهم: سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصرف ذلك: إلى أولاد عليّ رضي الله عنه، وسهم ذوي القربى يصرف: إلى الخلفاء (١)، وسهم لليتامى، وسهم للفقراء، وسهم للمساكين.
دليل أبي حنيفة وهو: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما يستحق سهمه، بكونه مؤديًا للإمامة، ولدعوة الناس إلى الحق، وهذا المعنى قد فات بفواته، وسهم ذوي القربى إنما يستحقون: بنصرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهؤلاء كانوا معه في الحضر والسفر والنصرة، وقد فات بفواته، فوجب أن ينقطع هذا الحق (٢).
احتج الشافعي، [في المسألة] وهو: أن هذا حق ثابت بالشرع (٣)، فإذا مات وجب أن يورث نصيبه، كما في سائر الحقوق.
(١) ذكر النووي رحمه الله في الروضة: حكاية عن الوسيط وجهًا: بأن سهم ذوي القربى يصرف إلى الخلفاء، ونقل قولًا آخر بأن هذا السهم يرد على أهل السهمان، الذين ذكرهم الله تعالى. ثم ردهما وقال: "هذان العقلان شاذان مردودان". ورجح صرفه بعده - صلى الله عليه وسلم -، في مصالح المسلمين. انظر: الروضة ٦/ ٣٥٥. (٢) واستدل الأحناف لمذهبهم: بإجماع الخلفاء الراشدين على تقسيم الخمس إلى ثلاثة أسهم - بإسقاط سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسهم ذوي القربى - "ثم أنه لم ينكر عليهم ذلك أحد، مع علم جميع الصحابة بذلك وتوافرهم، فكان إجماعًا". انظر: أحكام القرآن للجصاص ٣/ ٦٢ وما بعدها؛ الهداية، مع فتح القدير ٥/ ٥٠٣. (٣) وفي الأصل: (ثابته الشرع). يقصد به قول الله سبحانه وتعالى في قسم الغنائم: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: ٤١]. انظر: أحكام القرآن للكيا الهراسي ٣/ ١٥٨، ١٥٩.