دليلنا في ذلك، قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (١٨) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} (١) وصحف إبراهيم وموسى ليست على لسان العرب.
وروى عن عبد الكه بن مسعود أنه كان يلقن الرجل هذه الأية، قوله تعالى: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ} وكان لسان الرجل لا يقدر أن يقول هذه الكلمة، فعجز عن الإتيان في لفظه، فقال له: قل طعام الفاجر، فدل على أنه يجوز بلغة أخرى (٢).
والدليل عليه: وهو أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مبعوث إلى العرب والعجم، وأمره بالإنذار فكان ينذر العرب بلغته وبلسانه وينذر العجم بلسانه (٣) دل على أنه يجوز.
احتج الشافعي، وقال؛ لأن الله تعالى قال في كتابه {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}(٤) فدل أن القرآن عربي، فإذا عبر بعبارة أخرى، لم تجز صلاته؛ لأنه لم يقرأ القرآن، وقراءة القرآن شرط لجواز الصلاة (٥).
(١) سورة الأعلى: آية ١٨، ١٩. (٢) روى الطبري رحمه الله هذه الرواية عن أبي الدرداء رضي الله عنه فقط: "عن همام، قال: كان أبو الدرداء يقرئ رجلًا: {إن شجرت الزقوم طعام الأثيم} (الدخان: ٤٣، ٤٤)، قال: فجعل الرجل يقول: إن شجرة الزقوم طعام اليتيم. قال: فلما أكثر عليه أبو الدرداء فرآه لا يفهم، قال: إن شجرة الزقوم، طعام الفاجر". الطبري: أبو جعفر محمد بن جرير، جامع البيان عن تأويل أي القرآن، الطبعة الثانية ١٣٨٨ هـ (مصر: شركة مصطفى الحلبي)، ٢٥/ ١٣١. (٣) والدليل عليه قوله تبارك وتعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ........ } سورة سبأ: آية ٢٨، وقوله تعالى: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ....... } سورة الأعراف: آية ١٥٨. (٤) سورة يوسف، آية ٢. (٥) قال النووي: "وترجمة القرآن ليست قرآنًا؛ لأن القرآن هو النظم المعجز، وبالترجمة يزول الإعجاز". انظر الأدلة بالتفصيل: المجموع ٣/ ٣٤٢، ٣٤٣.