أكثر منه: فهو رهن بما فيه، وإن كان أقل من الدين ذهب من الدين بقدره، ورجع المرتهن على الراهن فيما نقص من حقه.
والمذهب الثالث: التفصيل بين ما يغاب عليه أو ما لا يغاب عليه، وهو مذهب مالك، والأوزاعي، وعتبان الليثي -رضي الله عنهم.
وسبب الخلاف: تعارض الآثار, وتجاذب الاعتبار؛ فمنها حديث ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا يغلق الرهن -وهو ممن رهنه- له غنمه وعليه غرمه"(١)، وبهذا احتج من جعله أمانة محضة غير مضمون أبى له غلته، وخراجه وعليه فكاكه ومصيبته منه.
ومن طريق المعنى: أن الراهن قد رضي أمانة المرتهن، فأشبه المودع.
ومنها ما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلًا رهن فرسًا لرجل، فنفق في يديه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للمرتهن:"ذهب حقك"(٢)، وبهذا استدل من يقول: إن ضمانه من المرتهن، وربما تأولوا قوله عليه السلام:"له غنمه وعليه غرمه"، أن غنمه [ما فضل منه على الدين](٣)، وغرمه ما نقص.
وعمدتهم من طريق النظر: أنه عين تعلق به [حق](٤) الاستيفاء ابتداء، فوجب [أن يسقط تبعتها](٥)[بتلف](٦) أصله تلف المبيع عند البائع إذا أمسكه حتى يستوفي حقه في الثمن، [وهذا](٧) متفق عليه عند
(١) أخرجه مالك (١٤١١)، وابن ماجة (٢٤٤١)، وابن حبان (٥٩٣٤)، والحاكم (٢٣١٥)، والدارقطني (٣/ ٣٢)، والبيهقي في الكبرى (١١٠٠١)، وضعفه الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى. (٢) أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (٥٤٤٩)، وهو ضعيف. (٣) في ب: ما فضل من الدين. (٤) سقط من أ. (٥) بياض في ب. (٦) سقط من أ. (٧) في أ: وهو.