قول ابن القاسم في "الكتاب": فيمن حبس أضحيته حتى مضت [أيام النحر فإن لا يضحى بها بعد](١) أيام النحر [إلا](٢) أنه آثم" والإثم لا يكون إلا في [الواجب إذا ترك](٣)، والسنن المؤكدات يذم تاركها، لما في ذلك من التهاون بقول الشارع صلى الله عليه وسلم أو بفعله.
والثاني: أنها من السنن المندوبات التي يثاب عليها فاعلها ولا يذم تاركها، وهو صريح قول مالك في الكتاب [حيث قال](٤): "لا أحب لمن يقدر عليها أن يتركها".
وسبب الخلاف: تعارض الأحاديث، فمنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من رأى منكم هلال ذي الحجة، فأراد أن يضحي، فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا".
فظاهر هذا الحديث يقتضي نفي الوجوب، لقوله: "فأراد أن يضحي"، لأن الواجبات لا تتعلق بإرادة المكلف.
ويعارضه ما روى عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر من ذبح [قبله](٥) أن يعيد، فقال:[له](٦): "ليس عندي إلا جذعة من المعز، فقال:"اذبحها ولا تجزئ أحدًا بعدك" وهو أبو بردة بن نيار.
فظاهر هذا يقتضي الوجوب، وبهذا استدل من قال بالوجوب، [وتأول](٧) الخبر الأول في قوله: "فأراد أن يضحي"، أن مثل هذا اللفظ يصح أن يؤتى مثله في الوجوب، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جاء أحدكم الجمعة
(١) سقط من أ. (٢) سقط من أ. (٣) في ب: ترك الواجب. (٤) سقط من أ. (٥) في ب: قبل ذبحه. (٦) سقط من أ. (٧) في أ: وبتأويل.