للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

* وأجيب على هذا بأكثر من وجه:

الوجه الأول:

أن المراد بالعمارة البناء دون إقامة الصلاة اعتبارًا بحقيقة اللفظ وعرفه.

الوجه الثاني:

أن الله قال في الآية ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ﴾ [التوبة: ١٨]. فذكر ثلاثة أشياء في حقيقة العمارة: وهي الإيمان بالله، وهذا إشارة إلى التوحيد، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة.

الوجه الثالث:

أن عمارة المسجد لا تكون من صلاة واحدة، وإنما عمارته بأن يكون هذا ديدنه، ولهذا عبر بقوله: (وأقام الصلاة) وهي أبلغ من قوله: (وصَلَّى)، وليس الخلاف معكم في صلاة رجل قد آمن بالله، وأكثر من الصلاة في بيوت الله حتى تحقق في حقه عمارة المسجد معنويًا، وإنما النزاع فيمن كان كافرًا قبل الصلاة، ثم صلى، ثم قال: إنه لم يرد بذلك الدخول في الإسلام، هل يعامل معاملة المرتد، ويكون بمجرد أن صلى قد حكمنا له بالإيمان (الإسلام)؟

الدليل الثاني:

قال الحنفية: إن الصلاة جماعة على هذه الهيئة التي نصليها اليوم، لم تكن في شرائع من قبلنا، فإذا أتى بما هو من خاصية الإسلام كان دليلًا على إسلامه، كما أنه إذا أتى بخاصية الكفر كان دليلًا على كفره، فإن من سجد لصنم أو تزيَّا بزنار، أو لبس قلنسوة المجوس حكم بكفره، بخلاف ما إذا صلى وحده؛ لأن الصلاة وحده غير مختصة بشريعتنا (١).

* ويناقش:

بأن الصلاة جماعة ليست من خصائص المسلمين، وإن اختلفت الصلاة.

قال تعالى: ﴿يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [آل عمران: ٤٣].


(١) انظر الاختيار لتعليل المختار (٤/ ١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>