فظاهر قوله تعالى: مع الراكعين: أي مع جماعة المصلين (١).
ويحتمل: أي كوني في عداد الراكعين، وعلى التفسير الثاني لا دلالة فيه (٢).
وجاء في حديث ابن عباس في إمامة جبريل بالنبي ﷺ -في مكة، وبيانه لأوقات الصلوات أنه قال في آخره: هذا وقتك ووقت الأنبياء قبلك، وهذا حرف شاذ لم يرد في غيره من أحاديث إمامة جبريل، كما سيأتي تخريجه في مواقيت الصلاة.
فإن صح أن هذه اللفظة محفوظة كان فيه دليل على أن الصلاة جماعة ليست مختصة بالمسلمين.
وقال ابن رجب في شرح البخاري:«إن صح هذا فيحمل على أن الأنبياء كانت تصلي هذه الصلوات دون أممهم»(٣).
وقال ابن الهمام في فتح القدير:«وفي كون الصلاة بجماعة من الخصوصيات نظر»(٤).
وفي حاشية الشلبي على تبيين الحقائق «ووجه النظر: هو أن أهل الكتاب يصلون جماعة»(٥).
وقال الشيخ تقي الدين:«كان لمن قبلنا من الأمم صلوات في هذه الأوقات، لكن ليست مماثلة لصلاتنا في الأوقات والهيئات وغيرها»(٦).
فأثبت الاتفاق في الأوقات، والاختلاف في الهيئات، فإن كان أخذ ذلك من قول جبريل للنبي ﷺ: هذا وقتك ووقت الأنبياء قبلك، فإن هذه اللفظة تفرد بها حديث ابن عباس، وكل الأحاديث التي ذكرت إمامة جبريل للنبي ﷺ -لم تذكر ما جاء في حديث ابن عباس، وأصحها حديث جابر ﵁، والله أعلم.
ولأن كل فعل لو فعله منفردًا لم يحكم بإسلامه لزم إذا فعله في جماعة ألا
(١) تفسير البغوي ط إحياء التراث (١/ ٤٤٠). (٢) تفسير الزمخشري (١/ ٣٦٢). (٣) شرح البخاري لابن رجب (٢/ ٣٢٢). (٤) فتح القدير (١/ ٤٨٤). (٥) تبيين الحقائق (١/ ١٢٠). (٦) مجموع الفتاوى (٢٢/ ٥).